بعد عام من انتخابات الكنيست، كان أيمن عودة ولا يزال أحد السياسيين الأهم في النظام السياسي الإسرائيلي. نجح هذا السياسي الذي يقود حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة المشتركة بين حزبه وحزب التجمع الوطني الديمقراطي والقائمة الموحدة والعربية للتغيير في الكنيست، في الحفاظ على الاتحاد الهش وغير الطبيعي هذا، والذي فُرض على الأحزاب بهدف رفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست.
ولكن التوترات التي لا هوادة فيها بين الشيوعيين، الإسلاميين، العلمانيين والمتديّنين، المسيحيين والدروز، الشباب والكبار، لها تأثيرها.
أيمن عودة هو أول من يدفع ثمن هذه التصدّعات في قائمته
يعلم أعضاء الكنيست من الأحزاب الأخرى في الكنيست والذين يرغبون في تعزيز مشروع قانون أو خطوات أخرى مع القائمة المشتركة، أنّه ليس هناك عنوان واحد للقائمة، وإنما أربعة على الأقل: عليهم تنسيق المواقف مع كل من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، القائمة الموحدة، العربية للتغيير، ومع التجمع الوطني الديمقراطي.
وأيمن عودة هو أول من يدفع ثمن هذه التصدّعات في قائمته. كتب عنه المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، يوسي فرتر، مؤخرا: “اكتشف أيمن وليس الثانية أو الثالثة أنّ أصدقاءه لا يولون اهتماما له. إنهم يتعاملون معه معاملة من اللا مبالاة “.
تختلط الأيديولوجية وصراعات القوة ببعضها البعض. في الأشهر الأخيرة عصفت النفوس داخل القائمة حول عدة أحداث مختلفة. في إحداها كان ذلك التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية، حيث رفض أعضاء التجمع الوطني الديمقراطي الانضمام إلى بيان إدانة من قبل القائمة لقتل اليهود في بئر السبع.
يبدو أن الحرس القديم والشيوعي للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والذي عارض منذ البداية الاتحاد مع الحركات الإسلامية، هو الذي يحاول إفشال أيمن
وبعد ذلك اشتدّ الصراع بين التجمع الوطني الديمقراطي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة حول هوية رئيس القائمة في الكنيست. ومؤخرا فقط وقعت ضجة أخرى عندما نشرت كل من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي بيان إدانة لإعلان الجامعة العربية حول تعريف حزب الله كتنظيم إرهابي.
ربما تكون الفضيحة المتعلقة بالحرب في سوريا هي الأهم في كل ما يتعلق بمستقبل القائمة المشتركة. أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت نحو الاتحاد، هو الرغبة في تجنّب الصراع الشرق أوسطي المرتكز في سوريا بين السنة والشيعة والعلويين. وربما لن تستطيع القائمة المشتركة في المستقبَل منع الخطاب الذي يحيط الحرب الأهلية السورية من التسرب إلى صفوفها.
وأيمن مصمم على الوفاء بوعوده لجمهور ناخبيه. وقد حاول التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة الإسرائيلية والقائم على رأسها في سلسلة من القضايا الاقتصادية والاجتماعية ذات الصلة بالوسط العربي في إسرائيل، وعلى رأسها ظاهرة السلاح غير القانوني، السكن ومطالبة الحكومة بتجنيد المواطنين العرب في الخدمة المدنية. ولكن عندما ينظر إلى الوراء، يكشتف في بعض الأحيان أن لا أحد يطيعه.
وأحيانا هناك شعور من التمرد على أيمن داخل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة حتى أكثر مما هو في إطار القائمة المشتركة. يبدو أن الحرس القديم والشيوعي للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والذي عارض منذ البداية الاتحاد مع الحركات الإسلامية، هو الذي يحاول إفشال أيمن. يبدو أن هؤلاء الأشخاص، الذين يقفون بقوة إلى جانب بشّار الأسد، هم الذين نشروا البيان حول حزب الله والذي أحرج القائمة المشتركة.
هذا ما حصل على سبيل المثال عندما ذهب أيمن إلى الولايات المتحدة في شهر كانون الأول في زيارة تاريخية. وهي المرة الأولى التي يذهب فيها زعيم عربي إسرائيلي لتمثيل جمهوره في الدولة الأكثر نفوذا في العالم. ولكن بالنسبة لحزب مثل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتي تكتلت على مدى السنين حول تأييد الاتحاد السوفياتي وكراهية الولايات المتحدة و “إمبرياليّتها”، فإنّ زيارة أيمن إلى أمريكا تعتبر خطيئة لا تُغفر.
هل معنى ذلك أنّ القائمة ستصل إلى نهاية طريقها في الانتخابات القادمة؟ قال البروفسور مصطفى كبها، الذي كان من المبادرين إلى الاتحاد، قبل أشهر معدودة في مؤتمر أكاديمي أنّ كل انسحاب من القائمة المشتركة هو مثل الانتحار السياسي. ولكن من الممكن أنّ أيمن وحده، هو من سيدفع الثمن الأكبر مقابل الضغوط الداخلية والخارجية. ومن سيخسر من ذلك هم، كالعادة، جمهور ناخبي “القائمة المشتركة”.