وتُعتبَر مسألة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مسألة مُعقَّدة ومثيرة للجدَل. ففيما ينظر إليهم الفلسطينيون كمقاتلين من أجل الحريّة مسجونين بشكل غير شرعيّ، يرى الإسرائيليون، وقسمٌ كبير من الدول الغربية، معظمهم إرهابيين مكانهم هو خلف القضبان.
أمّا الوجه الآخَر للقضية فظهر في الفترة الأخيرة في الاتّصالات التي يجريها وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، وهو الشأن الاقتصادي. فالأسرى هم كما يبدو عبء اقتصادي كبير على موازنة السلطة الوطنيّة الفلسطينية، المُرهَقة أصلًا، والمتّكئة إلى حدٍّ بعيد على مُساعدات دُول أخرى.
وكشف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس المجلس الفلسطيني للتنمية والإعمار “بكدار”، محمد اشتية، أنّ وجود نحو 5100 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية يكلف الخزينة الفلسطينية سنوياً نحو 250 مليون دولار أمريكي.
وقال اشتية خلال لقاء تلفزيوني مع قناة فرنسا 24 صباح اليوم الأحد، إن غياب أكثر من 5000 شاب فلسطيني، معتقلين في السجون الإسرائيلية، عن سوق العمل المحلي، يكبد السلطة خسائر بالملايين، لأنهم يُعدّون أيدي عاملة يحتاجها الاقتصاد الفلسطيني.
يُظهِر حسابٌ سريع أنّ كلّ أسير يكلّف السلطة نحو 50 ألف دولار سنويًّا، وهو مبلغ أعلى بكثير من متوسّط الدخل في السلطة. وبأخذ نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية التي تبلغ 28.6% في الاعتبار، يُشكّ في أن يكون للأسرى المُحرَّرين مستقبل أفضل في بيوتهم.
ومن تقريرٍ نشره مؤخرا معهد PMW، تبدو صورة مماثلة. فالأسير المحكوم عليه بفترة حتّى ثلاث سنوات، يحصل شهريًّا على 1400 شاقل (نحو 400 دولار)، وهو أجر يقارِب متوسّط الأجور في السلطة الفلسطينية. أمّا الإرهابيّ المسجون 10 – 15 سنة، فينال 6000 شاقل (نحو 1500 دولار) شهريًّا. أمّا الإرهابيون الأعلى رتبةً، الذين حُكم عليهم بثلاثين سنة فما فوق، وبعضهم قاتِلو أطفال ومدنيّين، فيتمتّعون بأجرٍ ثابت يبلغ 12000 شاقل شهريًّا (نحو 3500 دولار)، تسعة أضعاف متوسّط الأجور. ويحصل بعض الأسرى التابعين لحماس على راتبٍ إضافيّ من الحركة.
تدّعي المنظّمة أنّ أجرة التورُّط في الإرهاب تُعتبَر جيّدة إلى درجة أنّ بعض الفلسطينيين بدؤوا العمل في الإرهاب فقط من أجل أن تعتقلهم إسرائيل وينالوا راتبًا من السلطة ليتخلَّصوا من دُيونهم.
لا شكّ أنّ مسألة الأسرى هي ذات أهمية كُبرى بالنسبة للشعب الفلسطيني، ما يوضح الاستعداد لإنفاق كلّ هذه الموارد من أجلهم، لكن يُطرَح السؤال: ألم تصبح الظاهرة تشجيعًا على استخدام العُنف، بدلًا من الاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني.