“أو أن يتم تمديد العقد، أو أن تغرقوا بالنفايات”، هذا ما حذّر منه رئيس حكومة لبنان الأسبق سعد الحريري منذ شهر تشرين الأول 2010. واليوم يبدو أنه كان محقا. انتهى العقد بين شركة إفراغ النفايات “سوكلين” وبين السلطات اللبنانية، ولقد أُغلِق مكبّ النفايات الذي اعتادوا على إلقاء النفايات به في أعقاب احتجاج اجتماعي لذلك امتلأت شوارع بيروت بأكوام ضخمة من النفايات.
تم إغلاق مكبّ النفايات في جنوب بيروت والذي اعتادت الشركة على نقل النفايات إليه في 17 تموز من قبل مواطنين غاضبين اشتكوا من أن المكبّ يفيض ويصل إلى منازلهم. ومنذ ذلك الحين، امتلأت مخارج المنازل والمطاعم في المدينة بأكياس القمامة، ولم تنجح الحكومة في إيجاد حلّ. ونسب العديد من وسائل الإعلام في لبنان وخارجه هذا الوضع إلى انعدام دور الحكومة في لبنان، والتي تعاني منذ أكثر من عام من غياب رئيس لها، وقارن بين النتن في شوارع بيروت وبين نتن السياسيين اللبنانيين، الذين يبحثون عن الصفقات على حساب الشعب.
قال محمد شبارو، وهو محرر في شبكة العربية، إنّ النفايات في شوارع بيروت ترمز إلى الحالة التي توجد فيها البلاد – في عمق المستنقع. بحسب كلامه، فإنّ أكوام القمامة هي نتيجة أخرى للجمود السياسي الداخلي في لبنان وللانشغال بالحرب الأهلية في سوريا وأزمة اللاجئين السوريين. لا يأتي الوزراء، المحتجّون على الفراغ الرئاسي، إلى جلسات الحكومة، وهكذا فإنّ احتمال تجديد العقد مع شركة إفراغ القمامة صغير. بشكل شبه تهكّمي، يقول شبارو إنّ قضية النفايات اجتازت جميع الانقسامات وأثرت على جميع الفصائل في لبنان، وأنشأت بذلك وحدة نادرة في أوساط اللبنانيين.
ومواطنو لبنان الذين يشتكون حقّا مجبَرون على حلّ جميع مشاكلهم لوحدهم، لأنّ الحكومة ببساطة لا تعمل. في هذه الأثناء، وفي أعقاب اتفاق مؤقت تم تحقيقه، تم إفراغ جزء من النفايات من الشوارع، ولكن المتوقع أنها ستُغمر مجدّدا بالقمامة خلال أيام معدودة. يبدو أنّه قبل أن تنجح الدولة في التغلب على الصراع الطائفي الجاري داخلها، فهي بحاجة قبل ذلك إلى أن تتعلم كيف تفرغ القمامة – ليس فقط من الشوارع وإنما أيضًا من سياستها.
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ميدل نيوز