نشرت صحيفة الديلي ميل أمس مقالا بعنوان “انغماس عجيب في التسوّق للجميلة البريطانية التي تتحصن تحت الأرض مع الدكتاتور الدنيء”، يفصّل روايات السيدة الأولى في سوريا، أسماء الأسد، خلال الحرب الأهلية التي تدور رحاها في الدولة.
وقد أجادت الصحيفة في وصف الوضع الذي يواجهه الزوجان الأسد ومن خلال التطرق إلى المقال الذي يكيل المديح لها والذي حظيت به الأسد في صحيفة ووغ “وُصفت ذات مرة بأنها “وردة في الصحراء”، جميلة لندنية طويلة القامة، استخدمت أناقتها وأسلوبها الغربي قناعًا للوحشية المتزايدة لنظام زوجها القاتل”.
كلما اشتدت حدة القتال في سوريا في السنتَين الماضيتَين، يكشف المقال، كلما توسعت رحلة مشتريات الأسد. بسبب المقاطعة ضد سوريا، يتم استيراد المنتجات التي تشتريها عن طريق لبنان، حيث اعتادت الأسد السفر إلى هناك بنفسها حتى الآونة الأخيرة بهدف لقاء والديها. “لا قلب لها. إنها مهووسة بمظهرها”، هذا ما قاله أيمن عبد النور، مستشار الأسد سابقا، لـ “ديلي ميل”. “إنها تواصل إدارة حياة من الكماليات، وهذا كل ما هو مهم بالنسبة لها”. إنها تطلب أيضا كميات كبيرة من الأغذية الغربية بشكل دائم لأولادها الثلاثة لأنها لا تريد أن يأكلوا أكلا سوريًا فقط، قال مصدر مقرب من عائلة الأسد للصحيفة.
وأضاف النور إنّها مقتنعة بأنّ أسرتها ستحكم سوريا سنوات طويلة بعد. وهي مهتمة بشكل خاص بزيادة ثروة الأسرة والحفاظ عليها.
وهي تريد أن تتأكد من أن ابنها، حافظًا، سيتولى الرئاسة يومًا ما، حتى لو عنى ذلك تخبئته في مدرسة أو جامعة في سويسرا أو بريطانيا بعضَ الوقت.
ليس من شأن هذه التقارير أن تفاجئ من يتابع أسماء الأسد في السنوات الأخيرة، تلك المرأة اللندنية من أصل سني كانت دائمًا تتمتع بالحياة الجيدة، ويبدو أن الفظائع الحاصلة في سوريا لا تضايقها في متابعة متعتها.
وُلدت أسماء الأخرس في لندن في العام 1975. إنها ابنة فواز الأخرس وهو طبيب قلب سوري، من مواليد مدينة حمص، والدبلوماسية السورية السابقة سحر العطاري. قضت أسماء طفولتها في أكتون، في ضواحي لندن الغربية. لقد تعلمت في مدرسة خاصة للبنات وبعد ذلك تابعت دراستها في الجامعة، حيث أكملت هناك لقبًا في علوم الحاسوب والأدب الفرنسي. عندما أنهت دراستها، اختارت مجال المال وعملت كموظفة مصرفية في الاستثمارات.
لقد تعرفت على بشار حين كان يتخصص في موضوع طب العيون في لندن، وفي تلك الفترة قبل وفاة أخيه باسل، كان بشار الابن الهادئ في عائلة الأسد، والتي لم تر بعين الرضا على ما يبدو زواج بشار من أسماء السنية. منذ أن تحول بشار إلى رئيس سوريا، حوّلها وقوفها إلى جانب زوجها، مع مرور السنوات، إلى محبوبة الشعب السوري، وأما مظهرها المعاصر والمتماشي مع الموضة فقد حولها إلى محبوبة العالم الغربي. تلك هي نفس الصفات بالضبط التي تجتذب إليها انتقادات كثيرة.
أطلقت عليها “إل” الفرنسية لقب “المرأة الأكثر أناقة في السياسية العالمية” وكُتب عنها في المجلة اللندنية سان بإسهاب عن “البريطانية الجذابة التي تعيد سوريا من العصر الجليدي”. ومنذ بداية الحرب في سوريا، بدأت تظهر تقارير تفيد أن أسماء والأولاد قد تركوا دمشق وغادروا إلى لندن، وهذه تقارير استمرت في الظهور كل بضعة أشهر. غير أن الصور المشتركة من حساب الإنستاجرام التابع للزوجين، يؤكد أن أسماء اختارت البقاء إلى جانب زوجها، وأنها تواصل تجديد خزانة ثيابها الفاخرة المشهورة.
وقد شوهدت الأسد مؤخرا في إحدى الصور وهي تتقلد سوارًا يعد السعرات الحرارية، Jawbone UP، الذي يبلغ ثمنه في الولايات المتحدة نحو 130 دولارًا، والذي يُعتبر أخر صرعة في مجال الريجيم. من بين أمور أخرى، يقوم السوار الذي تتم مزامنته مع تطبيق للهاتف الذكي، بقياس بيانات حول الوجبات، النوم، الحركة، حرق السعرات الحرارية وغيرها. لقد أثار السوار استغرابًا لأنه من غير الواضح كيف حصلت الأسد على السوار المعاصر، إذ أن الولايات المتحدة قد فرضت مقاطعة تجارية جارفة على سوريا، تمنع أي تواصل تجاري مع أتباع النظام السوري وداعميهم.
وقد أبلغت صحيفة الديلي تلغراف أنه قد تم إدراج أسماء أيضا في قائمة الشخصيات السورية التي يفرض عليها الاتحاد الأوروبي المقاطعة. حسب تقرير الصحيفة، تم اتخاذ قرار إدراج السيدة الأسد في قائمة المقاطعة في أعقاب كشف الرسائل الإلكترونية التي تبادلها الزوجان الأسد، حيث أفادت بأنها خرجت في رحلة مشتريات استعراضية، في الوقت الذي يذبح زوجها الآلاف من أبناء شعبه وأثناء قمع الاحتجاج ضد نظامه. ويتبين من المقالات أن الأسد قد أثثت قصر عائلتها في مدينة اللاذقية الساحلية بمبلغ 270 ليرة استرلينية. في إطار المقاطعة، تم تجميد ممتلكات الأسد، ومُنعت من السفر إلى كافة دول الاتحاد ما عدا بريطانيا، بسبب مواطنتها في الدولة. غير أنه في أعقاب النشر في ديلي ميل، بدا وكأن هذه الخطوات لم تضر بعطش الأسد للمشتريات.
وفي توقيت بائس، اختارته المجلة قبل بضعة أسابيع فقط من نشوب الأحداث في سوريا، لتكتب مقالا فيه الكثير من الإطراء لأسماء. تم وصف الأسد أنها “السيدة الأولى المنتعشة والمثيرة بين الجميع”، والتي تدمج شوقها إلى أحذية كريستيان لوبوتن بالمهمة “بناء منارة من الثقافة والعلمانية في منطقة هي بمثابة برميل من البارود”.
في وقت لاحق كشفت الصحيفة الأمريكية The Hill النقاب عن أن الحكومة السورية قد استأجرت مكتب العلاقات العامة “براون لويد جيمس”، الذي دفع من أجلها مقالا إيجابيا في ووغ الأمريكية، مقابل أجر بلغ 5,000 دولار في الشهر. كما نشرت محررة المجلة، آنا وينتور، إعلانا يستنكر نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، بعد أكثر من سنة برئاستها، نشرة المجلة مقال بروفيل. وقد تمت إزالة المقال من موقع الإنترنت التابع للمجلة – الأمر الذي اعتبر خطوة استثنائية بالنسبة لـ “ووغ”.
تتلقى أسماء أحيانا انتقادات لاذعة ليس بأقل من زوجها، وبالأساس بسبب الحقيقة أنها تبدو عمياء حيال ما يحدث خارج أسوار قصرها والتعارض الشديد بين الصورة التي تحاول إظهارها وبين ما يفعله زوجها. في مقابلة مع ووغ، مثلا، قالت أسماء خلال تحضير فوندو لوجبة العشاء، كيف تتدبر أمور منزلها حسب القيم الديموقراطية”. جميعنا نصوّت على ما نحن نريد وأين”، قالت وأشارت إلى ثريا مصنوعة من قصاصات مجلات الكوميكس. “في هذه الحال خسرنا في التصويت: إثنان مقابل ثلاثة”، قالت وكانت تقصد أن الأولاد قرروا من أجلها ومن أجل بشار.
”لا أحد يعرف ماذا يحدث خلف أبواب القصر”، قال الباحث الأمريكي أندرو تابلر لشبكة سي إن إن، الذي كان قد سكن في سوريا بين الأعوام 2001 و 2008 وعمل أيضا مع أسماء الأسد “ولكني أشك ما إذا كانت تشعر بأن لديها سيطرة أو أنه سيكون لديها مثل هذا التأثير على أعمال زوجها”. على الرغم من ذلك، اعترف تابلر أنه يبدو أنها تواصل الوقوف إلى جانب بشار. “هناك وجهان لأسماء”، قال تابلر وأضاف “إنها امرأة معاصرة، وهي مختلفة حقا عن سائر نساء الزعماء العرب. ولكنها تحب الحياة الجيدة أيضا. لقد أرادت أن تكون أميرة”.
الصورة التي عملت الأسد على بلورتها خلال سنوات طويلة تحطمت في السنوات الأخيرة بسبب الفظائع التي يرتكبها النظام ضد مواطنيه. وقد ذهب مراسل “التايمز” اللندني إلى أبعد من ذلك واستغرب “ما إذا كانت الأميرة ديانا السورية قد تحولت إلى ماري أنطوانيت”.