تعرّفوا إلى “الصناعة الجوية” الإسرائيلية: المشروع الذي بدأ كشركة حكومية صغيرة لصيانة الطائرات قبل 63 عاما، أصبح اليوم شركة الهايتك الأكبر في إسرائيل. يصل الحجم المالي لنشاطات الصناعة الجوية في السنة إلى نحو 3.7 مليارات دولار، ومن بينها نحو 80% مخصصة للتصدير – إلى نحو 100 دولة في جميع أنحاء العالم.
في السنوات الأخيرة، حققت الشركة عددا هاما من الإنجازات التكنولوجية، ولكن بقي معظمها محجوبا لسنوات كثيرة وكُشف عن القليل منها فقط. مثلا، صنعت الصناعة الجوية الإسرائيلية أجنحة الطائرة المُراوغة F35، الأمريكية الجديدة والشهيرة. من المتوقع أن تبيع الصناعة الجوية بالمجمل نحو 800 زوج أجنحة بقيمة نحو 2.5 مليار دولار، خلال نحو 10 حتى 15 عاما، إلى شركة “لوكهيد مارتين” (Lockheed Martin) مُصنّعة طائرات F35.
تعمل الشركة في مجموعة واسعة نسبيا من المجالات، ومن بينها الطيران العسكري، المدني، الصواريخ، الطائرات دون طيار، الرادارات، السايبر، والروبوتيات. وتركّز عملها تحديدا على المجال العسكري، ولكنها تكرّس نحو ثلث نشاطها في المجال المدني حاليا. بالإضافة إلى عدة مصانع إنتاج موزّعة في جميع أنحاء البلاد، فإنّ العدد الأكبر للمكاتب والمنشآت الصناعية الجوية هو في وسط البلاد، ويمتد جميعها على نحو 2000 دونم.
أسطورة “شويمر“: من تهريب الطائرات الأمريكية وحتى الأقمار الصناعية من الصناعة الإسرائيلية
تكسب الصناعة الجوية اليوم مليارات الدولارات سنويا، ولكن في البداية كان أمل الكسب قليلا. فعندما تأسست الصناعة الجوية عام 1953، كانت إسرائيل شابة وفقيرة وتفتقر إلى الموارد المطلوبة لإقامتها. المسؤول عن إقامة الصناعة الجوية ونجاحها هو مهندس الطيران الأمريكي آل شويمر (Al Schwimmer).
هرّب شويمر طائرات من أمريكا إلى إسرائيل في الأيام الأولى من قيام الدولة رغم الحظر الأمريكي، وهكذا وُلد سلاح الجو الإسرائيلي. لاحقا، حُوكم شويمر على أعمالها هذه وأدين بالخيانة في وطنه الأمريكي. فسُلبت كل حقوقه كمواطن أمريكي وفُرضت عليه غرامة كبيرة. قال في التحقيق: “أعتقد أنّ أفعالي كانت محقّة، لن أعتذر، وأنا مستعدّ للمحاكمة عليها”.
شويمر ليس مشهورا عالميا، ولكنّه يُعتبر في الصناعة الجوية الإسرائيلية أسطورة. “المكسب الأهم الذي حصلنا عليه في الأيام الأولى من الدولة هو شويمر”، كما اعترف بن غوريون، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بعد سنوات من ذلك. وزار بن غوريون أيضا كراج الطائرات الصغير الخاص بشويمر في كاليفورنيا، تعرّف على الإمكانات الكامنة فيه وحثّ شويمر على الهجرة إلى إسرائيل، وإقامة مصنع مشابه.
وهكذا قدِم مهندس الطيران الطموح إلى إسرائيل الفقيرة وبدأ بالعمل بنشاط. على مدى 25 عاما تزعم شويمر الصناعة الجوية الإسرائيلية الصغيرة. واليوم غدت تصنّع صواريخ، طائرات، أقمارا صناعية، وغيرها.
في بعض الأحيان يأتي الولاء لإسرائيل على حساب الفائدة
“رغم أننا شركة حكومية، ولكننا نحاول التصرف مثل شركة خاصة. ومع ذلك، في بعض الأحيان يأتي الولاء على حساب الفائدة”، كما يقول المدير التنفيذي للشركة، يوسي فايس. يعلم فايس جيّدا عما يتحدث – قبل عدة أيام فقط أطلقت تركيا قمر تجسّس صناعي فرنسي متطوّر إلى الفضاء، قادر على أن يصوّر إسرائيل أيضًا.
في الواقع، ترغب تركيا في قمر استخباراتي مُصنّع في الصناعة الجوية الإسرائيلية، ولكن ألغيَت الصفقة التي تم عقدها عام 2011 مع الشركة الإسرائيلية، بسبب الشرط الإسرائيلي الذي رفضت تركيا قبوله – “بيع تركيا قمرا صناعيا، شريطة ألا تستخدمه لتصوير إسرائيل”.
وهناك صفقة ضخمة أخرى، قيمتها 1.1 مليار دولار، يتم التجهيز لها بين الصناعة الجوية وبين حكومة الهند، وقد تمت الموافقة عليها فعليا من قبل المجلس الأمني الهندي. ترغب الهند في أن تشتري في إطار الصفقة طائرتَين استخباراتين من نوع فالكون (Phalcon)، وتخطط أيضا لصفقة شراء صواريخ أرض جوّ، يتراوح سعرها بين مئات ملايين الدولارات وحتى أكثر من مليار دولار.