متى نعرف أن حماس تتعرض لضائقة؟ عندما تطلق تسجيلا “حصريا” أيا كان. للمرة الأولى، أطلقت حماس اليوم تسجيلا منذ فترة أسر جلعاد شاليط. لم تبدِ وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماما بهذه التسجيلات، لأن جلعاد شاليط أصبح بين أحضان عائلته، ولديه شريكة حياة جميلة، ويتنزه كلاهما في أنحاء العالم، ويرفعان صورا على الإنستجرام. أي أن هذه التسجيلات أصبحت ماض لا يهتم بها أحد.
ولكن يبدو أن حماس تريد إبعاد اهتمام وسائل الإعلام في لحظتين صعبتين من جهتها: قرار عدم الرد على تفجير النفق التابع للجهاد الإسلامي، وطبعا الاحتفال الرسمي الذي تسلمت فيه السلطة الفلسطينية السيطرة على معبر رفح.
حتى إذا كنتم أنتم أيضا كسائر المحلِّلين والجمهور، تشككون جدا في احتمالات التسوية بين حماس وفتح، فلا شك أن السنوار يبدي التزاما واهتماما كبيرا في هذا السياق. أصر أبو مازن والمصريون على إقامة احتفال رسمي، لنقل السيطرة على غزة. يحظى التظاهر هنا بأهمية كبيرة، ويهدف إلى إظهار أن مشروع السيطرة الحصرية الخاص بحماس في غزة قد فشل. في الواقع، استغرقت هذه السيطرة عشر سنوات، وشهدت خلالها غزة أزمة خطيرة، ولكن لا يشكل اتفاق التسوية سوى اعترافا من حماس: نحن لسنا قادرين على إدارة دولة وحدنا.
في حين كانت تُجرى المراسم في رفح علق نشطاء حماس في شبكات التواصل الاجتماعي وهم محبطون. “تنقص هنا صورة نتنياهو”، كتب ناشط حمساوي عند رؤية صورة السيسي وأبو مازن الكبير معلقة في معبر رفح.
يفرض السنوار الذي كان عضوا في الذراع العسكري في حماس والذي تعتبر آراؤه متطرفة، رأيه على قيادة حماس المعتادة على حل الخلافات بالإجماع. منذ أن قرر أن لا خيار أمام حماس سوى أن تسعى إلى التسوية مع أبو مازن، بهدف استئناف تدفق الأموال والكهرباء إلى القطاع، وإلى عقد المصالحة مع مصر، وألا تتحمل مسؤولية المواطنين، أصبح يهتم السنوار بالأمور كما يجب.
ونجح السنوار أيضا في التخلص من الضغط الذي مارسه الجهاد الإسلامي للرد على تفجير النفق، بعد أن تلقى توضيحات إسرائيلية، عبر مصر، تشير إلى أن ليس هناك هدف لتصعيد الأوضاع وأن القتلى وصلوا إلى الموقع بعد التفجير بمبادرتهم.
إذا نجح السنوار بطريقته البرغماتية، فسيشكره مواطني غزة، ولكن ستضع هذه الحقيقة تساؤلات حول قدرة حماس المستقبلية في الادعاء أنها قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني.