السياسة الإسرائيلية في طريقها إلى أزمة جديدة. في الأيام الأخيرة انتشرت تقارير أن صفقة قد أُبرمت لتمديد المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وحتى أن مسؤولين أمريكيين أبلغوا أن الجانبين قد قلصا الفجوات بينهما. من لم ينتظر كثيرًا حتى الوصول للصفقة هو وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، الذي أبلغ أمس أنه في حال تمت الصفقة، فإن حزب “البيت اليهودي” برئاسته سيُغادر الحكومة.
في هذه المرحلة يبدو أنه إذا تمت الصفقة، ستحرر إسرائيل سُجناءً عربًا ذوي هوية إسرائيليّة، ومن ناحية بينيت فإن ذلك يُعتبر خطًا أحمر، ولن يوافق على أن يبقى جزءًا من حكومة تفعل ذلك.
كتب بينيت في بيان نشره: “الصفقة تتبلور، وإن تضمنت تحرير قتلة ذوي هوية إسرائيليّة، فستضُر بسلطة الدولة. ليس ذاك فقط- بل إنها تتم والفلسطينيون لم يسحبوا طلب الانضمام لعصبة الأمم. هذا ابتزاز وخضوع للإرهاب الذي لا يمكن الرضوخ له، هذا الحد الأدنى للاحترام القومي ولا يمكننا التسليم بنقضه”. من جهة أخرى، قال بعض المسؤولين الكبار من حزب الليكود، أمسِ إنهم غير متأثرين من تهديدات بينيت ولا أحد يبقى في الحكومة بالقوة.
حسب البيانات المختلفة، يُتوقع أن تكون الصفقة هكذا: ستحرر إسرائيل 26 أسيرًا “الدفعة الرابعة”، من بينهم إسرائيليون كان من المفروض أن تحررهم في آخر آذار، إضافة إلى مئات الأسرى الآخرين الذين ستُطلق صراحهم. عدا عن ذلك، ستجمّد إسرائيل البناء في الضفة الغربيّة. مقابل هذه الخطوات، ستستمر المفاوضات سنة أخرى، يلتزم الفلسطينيون فيها بتجميد انضمامهم لعصبة الأمم ولن ينضموا لمعاهدات جديدة، و”الفائدة” التي ستعود على إسرائيل هي إطلاق جوناثان بولارد.
إن أبرمت الصفقة وانسحب “البيت اليهودي” من الحكومة، سيضطر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو إلى أن يواجه أزمة ائتلافية. في الائتلاف الآن 68 عضو كنيست (من بين 120)، وعلى نتنياهو أن يجد بديلا “للبيت اليهودي”، الذي يَعد 12 عضو كنيست.
أمام نتنياهو ثلاثة بدائل حقيقية: الأُولى والأرجح من بينها هي أن يضم للحكومة حزب العمل (15 عضوًا)، والذي يؤيد استمرار التفاوض مع الفلسطينيين والوصول لاتفاق سياسي معهم. المشكلة في هذه الحالة أن حزب الليكود سيكون الحزب الأكثر يمينيًّا في الحكومة، وهذه الفكرة لا يتلهف نتنياهو لها.
الإمكانية الثانية هي أن يضم الحزبين المتدينَين “شاس” و“يهدوت هتوراه” (18 عضو كنيست معًا)، لكن من يُتوقع له أن يعترض على هذه الخطوة هو وزير المالية يائير لبيد، الذي دفع حزبه مؤخرًا “قانون التجنيد” الذي يُلزم المتديّنين بالتجنّد للخدمة في الجيش الإسرائيلي.
الإمكانية الثالثة هي المضي نحو الانتخابات، بعد سنة وثلاثة أشهر من الانتخابات السابقة. لا يُمكن الاعتقاد أن نتنياهو سيختار هذه الإمكانية ويخاطرَ بخسارة القوة السياسية، وهكذا لن يسارع شركاؤه في الحكومة لتأييد هذه الإمكانية.