منذ عدة أيام تتناول الصحف الإسرائيلية، بشكل أساسيّ، موضوعا واحدا وهو الأزمة الائتلافية حول أعمال الصيانة في خطوط السكك الحديدية يوم السبت. ولكن لماذا يُعتبر هذا الموضوع مثيرا للجدل؟ والسؤال هو من المسؤول عن الأزمة، ما هو سبب حدوثها، وهل حكومة نتنياهو في خَطَر؟ نُقدّم لكن جميع الإجابات عن هذه الأسئلة، التي ستُوضّح لكم الأمور قليلا…
ما الذي أدى إلى الأزمة؟
بشكلٍ رسميّ، الأزمة الحاليّة هي بسبب تشغيل أعمال الصيانة في البنية التحتية لخطوط السكك الحديدية في مركزين: تل أبيب، وعيمق يزرعيل شمال البلاد. بدأت هذه الأزمة في نهاية الأسبوع الماضي، عندما تمت الموافقة على زيادة أعمال الصيانة في القطارات يوم السبت بشكل استثنائي وذلك لتجنّب إيقاف عمل القطارات في أيام الأسبوع العادية. من الجدير ذكره أنّ خدمة خطوط السكك الحديدية لا تعمل في أيام السبت، بموجب الوضع الراهن في إسرائيل الذي بحسبه تُحافظ المؤسسات العمومية على قدسية يوم السبت.
في أعقاب أعمال الصيانة في خطوط السكك الحديدية يوم السبت، ثار غضب المسؤولين في الأحزاب الحاريدية، وطلبوا من نتنياهو إيقاف الأعمال يوم السبت فورا، بالإضافة إلى إقالة وزير المواصلات يسرائيل كاتس، المسؤول – وفق أقوال المسؤولين في الحزب – عن تدنيس يوم السبت.
لقد أصدر نتنياهو في أعقاب الضغوطات المُمارسة عليه، طلبا لإيقاف الأعمال في خطوط السكك الحديدية يوم السبت الماضي، مما أدى إلى تأجيلها حتى يوم السبت مساء ويوم الأحد، ولذلك تم إيقاف عمل القطارات الرئيسية في الأوقات المذكورة. وقد جاءت أوامر نتنياهو بخلاف توصيات الشرطة، حيث إنّ إيقاف عمل القطارات يؤدي إلى ازدحامات مرورية ضخمة وتعطيل وسائل النقل في مناطق واسعة في إسرائيل. أدى العمل بموجب أوامر نتنياهو إلى شن احتجاجات شعبية واسعة ضدّ قراره، وإلى اتهامه أنّه “خضع” للحاريديين، الذين يمثّلون فقط 10% من السكان، من أجل الحفاظ على منصبه وعلى حكومته (حيث إنّ انسحاب الحاريديين من الائتلاف يعني فقدان الغالبية، واحتمال كبير لإجراء انتخابات جديدة). والآن تدعي جهات مقرّبة من نتنياهو أنّ وزير المواصلات أمر عمْدا بتنفيذ أعمال الصيانة في خطوط السكك الحديدية يوم السبت من أجل إنشاء هذه الأزمة، وليُظهر نتنياهو أمام الجمهور باعتباره شخصا يخضع لمطالب الحاريديين.
ووفقا لمختلف التقديرات، فسوف يعمل نتنياهو على إقالة وزير المواصلات يسرائيل كاتس ردّا على ذلك، مما سيُثير احتجاجا في صفوف حزب الليكود، ويدعو مسؤولون كبار في الحزب رئيس الحكومة إلى تجنب إقالته.
ما هي خلفية الأزمة؟
قبل مدة قصيرة من الأزمة حول أعمال خطوط السكك الحديدية، بدأت أزمة أخرى بين رئيس الحكومة نتنياهو ووزير المواصلات يسرائيل كاتس. قاد كاتس، الذي يتولى منصبه نيابة عن حزب الليكود، وهو حزب نتنياهو، في مؤتمر الحزب الذي أجرِيَ في الشهر الماضي، قرارين هدفهما هو المس بسلطة نتنياهو كرئيس للحزب. اتُخذ، من بين أمور أخرى، قرار تعيين مستشار قضائي جديد لسكرتارية الليكود، مما سيُضعف تأثير المستشار القضائي المقرّب من نتنياهو، وتقرر أيضًا ألا يكون نتنياهو قادرا على إجراء تعيينات ذاتية، وأن تحصل مثل هذه القرارات على موافقة لجنة الحزب.
بعد هذه التصريحات دُعيّ كاتس إلى إجراء محادثة توبيخية من قبل رئيس الحكومة نتنياهو، ومنذ ذلك الحين بدأت الشائعات حول أن نتنياهو ينوي إقالته لِما رأى الكثيرون في مثل هذه المحاولة أنها “محاولة لإحداث انقلاب”. في نهاية المطاف لم يقلْ نتنياهو كاتس، ولكنّه أجبره على التراجع بشكل مهين وإلغاء قراراته.
مع اندلاع “أزمة السبت”، كان هناك من ادعى أنّ نتنياهو سيستغلّ هذه الفرصة من أجل إقالة كاتس انتقامًا، بشكل يُظهر وكأن الحاريديين هم من طلبوا إقالة هذا الوزير في حين أنّها في الواقع مبادرة من قبل نتنياهو.
من هو يسرائيل كاتس؟
يسرائيل كاتس هو وزير المواصلات ووزير شؤون الاستخبارات نيابة عن الحزب الحاكم. ويتولى أيضا منصب عضو في المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر للشؤون السياسية والأمنية، وشغل في الماضي أيضا منصب وزير الزراعة. كاتس مسؤول عن حقيبة المواصلات منذ عام 2009 حتى اليوم، ويُعتبر أحد أفضل الوزراء وأكثرهم كفاءة في حكومة نتنياهو.
ويُعتبر أيضا أحد المسؤولين الكبار في حزب الليكود، وقد صُنّفَ في المركز الرابع في قائمة الحزب قُبيل الانتخابات الأخيرة.
هل تُشكّل هذه الأزمة خطرا على استمرار حكومة نتنياهو؟
حتى الآن لا يبدو أنّ هناك أيّ خطر على ائتلاف نتنياهو. كما ذكرنا، فإنّ نتنياهو الآن يستجيب لمطالب الأحزاب الحاريدية، ويحظى بتأييد الغالبية في الائتلاف. ورغم أنّه يواجه هجمة شعبية، ولكن من المرجّح أنه سينجح في مواجهتها منها من دون أن تُمسّ بمكانته العامة بشكل كبير.
ومع ذلك، فهو يواجه مشكلة داخل حزبه. فمن جهة، هناك أزمة بينه وبين كاتس أحد أبرز الوزراء في الحزب، ومن المرجّح أنّ نتنياهو كان راغبا بإقالته. ومن جهة أخرى، يقف مسؤولو الحزب الكبار إلى جانب كاتس ويطالبون نتنياهو بالامتناع عن إقالته. وسنكتشف في الأيام القادمة، كما يبدو، كيف سيختار نتنياهو مواجهة هذه المعضلة.