اتخذت الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأحد)، قرارين داخلين قد يحددا علاقتها مع اليهود في العالم. بهدف معرفة حجم المشكلة، يجب أن نذكر أن اليهودية ليست متجانسة. فهي مؤلفة من تيارات دينية مختلفة، تدور بينها صراعات وتوترات أحيانا. يسيطر تيار الأرثوذكسية اليهودية في إسرائيل في أوساط اليهود المتدينين ويعتبر تيارا متشددا. ولكن في أوساط يهود أمريكا، تسيطر التيارات الأكثر ليبرالية ويدعى أتباعها باليهود المحافظين والإصلاحين.
القرار الأول الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية هو رفض اتفاق يدعى: “مُخطط الحائط الغربي”. هناك في باحة الحائط الغربي الذي يعتبر أحد أهم أماكن الصلاة في اليهودية في وقتنا هذا، فصل بين الرجال والنساء، ولا يُسمح للنساء أن يمارسن في القسم المعد لهن طقوسا دينية معينة تعتبر خاصة بالرجال من ناحية تقليدية.
تحارب تيارات اليهودية المحافظة والإصلاحية من أجل حقوق النساء لإقامة الصلاة وممارسة طقوس دينية وفق رغبتهن، خلافا لرأي اليهود الأرثوذكسيين. في بداية عام 2016، صادقت الحكومة الإسرائيلية على مُخطط تسوية بين التيارات، حيث تقام بموجبه باحة صلاة أخرى، في الحائط الغربي، يستطيع المصلون فيها تأدية الصلاة وفق تقاليد التيارات غير الأرثوذكسية. لم يقبل اليهود الأرثوذكسيون وممثلوهم في الحكومة الإسرائيلية حقيقة فوز التيار الإصلاحي، لذا مارسوا ضغطا سياسيًّا على نتنياهو. حقق الضغط السياسي أهدافه، وحتى يومنا هذا لم يُطبّق المُخطط الهام، الذي يدعى “مُخطط الحائط الغربي”. حتى أن نتنياهو أعلن أمس بشكل رسمي عن تجميد المُخطط حتى إشعارٍ آخر.
القرار الثاني الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية هو المصادقة على “قانون اعتناق اليهودية” في الكنيست. وفق هذا القانون، قانونيا سيُعترف باعتناق اليهودية الذي تتم مراسمه بإشراف الحاخامية الكبرى في إسرائيل، التابعة للتيار الأرثوذكسي المتشدد، وبموجب القوانين الإسرائيلية. بالمقابل، فإن كل اعتناق لليهودية يتم في إسرائيل أو خارجها، بموجب مراسم اعتناق اليهودية الخاصة باليهود الإصلاحيين والمحافظين، لن يُعترف به في دولة إسرائيل أو لن يعترف به التيار الأرثوذكسي في أنحاء العالم الذي يعمل بموجب الحاخامية الرئيسية.
كانت ردود فعل يهود الشتات على خطوتي حكومة نتنياهو خطيرة جدّا. ألغيَ، من بين أمور أخرى، لقاء احتفالي بين نتنياهو وزعماء الجاليات اليهودية في الشتات الذي كان من المتوقع إجراؤه برعاية “الوكالة اليهودية”. في البيان الذي نشرته “الوكالة اليهودية” جاء أن القرارين اللذين اتخذا أمس في الحكومة الإسرائيلية، يخالفان الالتزامات التي قُطعت على ممثلي الحركتين الإصلاحية والمحافظة، وقد يؤديا إلى شرخ عميق في أوساط يهود الشتات. أعلن بعض الوزراء لاحقا أنهم يعارضون قرار تجميد “مُخطط الحائط الغربي”.
قال رئيس الحركة الإصلاحية في أمريكا، الحاخام ريتشارد جاكوبس أمس: “يشكل القرار صفعة على وجه كلا التيارين اليهوديين المتدينين الكبيرين في الولايات المتحدة”. وصل الحاخام جاكوبس إلى إسرائيل في زيارة طارئة للالتقاء برئيس الحكومة نتنياهو والتعبير عن معارضته.
يُقدّر عدد أتباع الحركة الإصلاحية اليهودية بأكثر من مليوني يهودي في أنحاء العالم ومعظمهم في أمريكا الشمالية. هناك في اليهودية الإصلاحية في أمريكا الشمالية نحو 870 كنيسا يهوديا من بين 1170 كنيسا تابعا للحركة الإصلاحية في العالم كلّه.