هاجم رئيس حزب “البيت اليهودي” نفتالي بينيت، عضو التحالف الحكومي الرئيسي، اليوم (الخميس)، نتنياهو بشكل غير مسبوق: “إن اللإعلان المشترك لإسرائيل وحكومة بولندا يشكل عارا مليئا بالكذب ويمس بذكرى ضحايا الهولوكوست. بصفتي وزير التربية، المسؤول عن تدريس كارثة الهولوكوست، أرفض هذا التصريح رفضا باتا لأنه يتخلى عن الحقائق والتاريخ، ولن يدرس في جهاز التربية والتعليم. أطالب رئيس الحكومة بإلغاء التصريح أو طرحه للمصادقة في الحكومة”. هذا ما غرده اليوم صباحا، بينيت، مؤديا إلى إثارة الأزمة بين إسرائيل وبولندا ثانية، التي كان يبدو أنها انتهت.
عم يجري الحديث في الواقع؟ اختار البولنديون الذين تعاونوا، وفق الأبحاث التاريخية المعروفة، مع النازيين أثناء الهولوكوست وتسببوا بمقتل نحو 200.000 يهودي، حكومة يمينية متطرفة تدحض الماضي وتطلب نسيانه. لهذا، بادرت الحكومة البولندية إلى تشريع قانون يحظر إلقاء مسؤولية البولنديين بجرائم الهولوكوست، ويوضح أن الألمان هم المسؤولون الحصريون. أثار القانون احتجاجات خطيرة من جهة اليهود في العالم كلّه، كان جزء منهم من الناجين من الهولوكوست، أو نسلهم، الذين يتذكرون جيدا الجرائم التي ارتكبها البولنديون في الحرب العالمية الثانية.
بدأت الحكومة الإسرائيلية، التي تمثل الشعب اليهودي وتحافظ على وقائع الهولوكوست الحقيقية، بإجراء مفاوضات مع الحكومة البولندية حول القانون. رغم أنه تم إجراء تعديلات معينة على القانون (لا سيما، حقيقة عدم اتخاذ تدابير جنائية ضد مَن يدعي خلاف تلك الحقيقة)، ولكن ما زالت مضامينه تثير قلقا كبيرا. وقد عملت الحكومة البولندية أكثر من ذلك، عندما نشرت في الصحف الكثيرة في العالم، وفي إسرائيل أيضًا، إعلانات تضمنت صيغة الاتفاق مع نتنياهو، وهكذا جعلت نتنياهو شريكا في العملية.
رغم أن نتنياهو يدعي أنه لم يعرف ذلك مسبقا، إلا أنه منذ ساعات الصباح، أصبح يتعرض لهجوم خطير، من اليسار واليمين الإسرائيلي، بتهمة الإضرار بحقيقة الأحداث التاريخية، والناجين من الهولوكوست. هناك من ألمح إلى أن الحديث يجري عن “صفقة” تنقل بموجبها الحكومة البولندية سفارتها إلى القدس، وتدعم إسرائيل في مجلس الأمن الدولي.
جاءت الضربة القاضية التي تعرض لها نتنياهو عندما نشر متحف الهولوكوست “ياد فاشيم” بيانا هاجم فيه الاتفاق بشدة: “هناك في الحقائق التاريخية التي فحصناها فحصا دقيقا، والتي عُرِضت كحقائق لا لبس فيها، أخطاء خطيرة واحتيال، ويتضح أنه بعد إلغاء البنود التي يجري الحديث عنها ما زالت أهداف القانون دون تغيير، بما في ذلك إمكانية الإضرار الحقيقي بالباحثين، البحث الحر، وبذاكرة التاريخ حول الهولوكوست”.
بعد مرور عشرات السنوات، ما زالت كارثة الهولوكوست الأكثر حساسية لدى الإسرائيليين، لهذا تشير التقديرات إلى أن نتنياهو سيضطر إلى اتخاذ خطوة ما والعمل مع الحكومة البولندية.