“أولاد الحلال كثيرون، يجلبون لنا الطعام والشراب، لكن الأهم أننا نشعر أن الرباط هو مهمة سامية يفرضها علينا ديننا، لذلك نحن نتواجد في الأقصى ونعلم أنه قد تترتب على هذا الرباط أمور كثيرة مثل السجن، والإصابة وحتى الاستشهاد”. هذا ما يقوله إبراهيم، مقدسي في العشرينات من العمر.
إبراهيم يقول إنه يسمع الدعاية الإسرائيلية التي تدعي أن المرابطين هم مجموعة من المرتزقة الذين يتلقون الأجر من حماس أو من الشيخ رائد صلاح ليرابطوا في الأقصى، وليأتوا إلى المسجد ويشتبكوا مع الشرطة ومع الزائرين من غير المسلمين وخاصة اليهود وتحديدا مع من يُعرفون من جماعة “أنصار الهيكل”.
ويوضح إبراهيم بغضب “هذا ادعاء رخيص وحقير، دعاية مغرضة لا تمت للواقع بصلة، وهي عبارة عن عدم فهم ما يعنيه الأقصى للمسلمين في القدس وخارجها”. إبراهيم يُضيف أنه رابط عشرات المرات في المسجد في السنوات الأخيرة، اعتُقل مرة لأسبوع، استُدعي ثلاث مرات للتحقيق وأصيب بكسر في اليد في إحدى المرات لكن “كل هذه الأمور لا تخيفني، وأنا أعزب كنت أتي إلى هنا وكذلك بعد ما تزوجت لم أتوقف عن الرباط ، لأن الأقصى هو أغلى ما نملك في هذه البلاد، فحربنا كلها على الأقصى”.
حينما يتحدث إبراهيم عن معنى الأقصى هو يشير إلى أن من بين المرابطين “أناس لا علاقة لهم بالصلاة، البعض منهم ممكن وصفه بأنه أزعر، لكن حينما يصل الأمر إلى الأقصى فترى الشباب من كل الشرائح يهبون للدفاع عن مسرى رسول الله. لذلك اختزال الأمر بدفع الأموال يعني جهل تام بحقيقة أهمية الأقصى بالنسبة لنا”.
رغم اقوال إبراهيم يقول ناشط مقدسي أن بعض الجهات السياسية تقوم بمنح بعض المرابطين بعض المبالغ الصغيرة “ولكن لا يمكن الحديث عن عمل مدفوع الأجر، ولكن تشجيعا لهؤلاء فهذه الأموال لا تتعدى عشرات الشواقل”. من بين الجهات السياسية التي تحدث عنها الناشط المقدسي، الحركة الاسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح وحركة فتح.
كيف يتم الرباط؟ إبراهيم يقول إنه وزملاؤه يصلون إلى الأقصى بالعادة عند صلاة العشاء، يصلون العشاء والفجر ويرابطون إلى ساعات الصباح “حتى التأكد من أن الأنباء عن اقتحام المسجد صحيحة أو لا. واذا وقع الاقتحام مثل هذا الأسبوع فنبقى طالما استطعنا ذلك”.
ورفض إبراهيم الحديث عن موقف الأوقاف من قضية الرباط، وحول هذا الموضوع اكتفى بالقول إنه لا “يدري إن كان هناك أي دعم تقدمه الأوقاف للمرابطين. فنحن إما نأتي مع طعامنا، أو كما قلت يرسله لنا أهل الخير، المياه موجودة في المكان لذلك نحن لسنا بحاجة لأي خدمة من الأوقاف، ونحن ندرك حساسية الموقف بالنسبة للأوقاف وللعاملين فيها”.
نزاع إسلامي – إسرائيلي
وبحسب إبراهيم الحديث عن مفاوضات سياسية هو حديث غير جدي “فهذا الحديث لا يُغني ولا يسمن من جوع. القضية الفلسطينية والنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، بل الإسلامي – الإسرائيلي سيُحسم هنا في القدس، وتحديدا حول الأقصى وبلا اعتراف بأن الأقصى إسلامي ولا حق فيه لغير المسلمين فستسمر الحروب مهما حاول القادة صبغ النزاع بألوان سياسية تتعلق بقضايا حدود وترتيبات أمنية وما شابه ذلك”.
ويتابع إبراهيم “نحن الموجودون في الأقصى فهمنا منذ اللحظة الأولى أن أطماع “جليك” وزملائه مما يدّعون بوجود خرافة الهيكل المزعوم، هي التي سترسم إلى أين ستسير الأمور، ونحن نرى أن هؤلاء موجودون اليوم في الحكومة ويتمتعون بغطاء رسمي من الحكومة الإسرائيلية، لذلك بالنسبة لنا هي مسألة وقت حتى يحاول هؤلاء تقسيم السيادة، والدخول والصلاة بين اليهود والمسلمين وهذا يعني بداية حرب حقيقية، لذلك أقول لكل المنشغلين بقضايا جانبية، قضايا دنياوية، انتبهوا إلى ما يقوم به هؤلاء. فالوزراء يشاركون باقتحام الأقصى المبارك، وقياداتهم ينادون بضرورة تغيير الوضع القائم وبضرورة الاعتراف بحق اليهود على المسجد الأقصى”.
“نحن نؤكد ما يقوله ديننا وعلماؤنا – الأقصى المبارك بجهاته الأربعة، بأبوابه، بأرضه وما تحتها وفوقها، هو إسلامي، وغير قابل للتقسيم وللتقاسم، ومن هنا ستبدأ صحوة الأمة بعد أن تفهم أن ما يسمى الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ما هو إلا صراع على الأقصى المبارك وعلى محاولة استبدال الصراع، وبحجج ومسميات واهية مثل: حق اليهود، وآثار تاريخية، وحرية العبادة. فكل هذه الأمور والمسميات تهدف إلى إخفاء حقيقة الحرب أنها حرب دينية، حرب على الأقصى المبارك”.
إبراهيم يعرب عن أسفه لما يسميه نجاح اسرائيل بالمراوغة والمناورة ما بين الأردن والسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالأقصى المبارك “الإسرائيليون يقولون للأردن إن الحركة الإسلامية والسلطة الفلسطينية تحاولان السيطرة على الأقصى المبارك، وللسلطة الفلسطينية يقولون إن حماس تحاول السيطرة على الأقصى وإن الحركة الإسلامية ما هي إلى غطاء لحماس، وللأسف نرى أن هناك توترات وضغائن بين المسلمين أنفسهم، ما يسهل على المتطرفين الإسرائيليين استغلال هذا الوضع ليستمروا في اقتحاماتهم ومحاولاتهم تغيير الواقع وتقاسم وتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود”.
ويشير إبراهيم إلى أن الشباب المقدسي أصبح أكثر جاهزية للتصدي لأنصار الهيكل “ففي الماضي كنت ترى أن الرباط يقتصر على العرب من الشمال ومن الجليل لكن اليوم الغالبية الساحقة من المرابطين هم من أبناء المدينة وضواحيها وهذا هو الأمر الإيجابي في هذه القضية الخطيرة. أنها دفعت بأهل القدس ليفهموا أنهم في صلب الحرب، وأن ما حصل خلال عشرات السنين الماضية كانت عبارة عن محاولة مستمرة لإبعادهم عن الأقصى، لكن اليوم حين ترى الأعداد التي تتوافد على الأقصى وترى الشبان يتسابقون على التصدي والإصابة وربما الاستشهاد تعلم أن الأمة ما زالت بخير وأن الرباط في الأقصى المبارك أسّس لمرحلة قادمة ومختلفة تماما في الصراع بيننا وبين اليهود”.