هذا الأسبوع، عُرِض في ميدان المسرح القومي (هبيما) في تل أبيب تمثال لوزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف. في التمثال، تظهر ريغيف وهي ترتدي فستانا أبيض، تقف أمام مرآة كبيرة، ومن حولها أعمدة تربط بينها حبال، وإلى جانبها تظهر لافتة عليها الكتابة “قلب الأمة”. لم يحدث توقيت نصب التمثال صدفة، ذلك لأن الوزيرة ريغيف، التي تعتبر سياسية ملوّنة ومثيرة للجدل، تصدرت في الأسابيع الماضية العناوين الرئيسية عدة مرات لأسباب مختلفة.

في بداية الأسبوع، أثاتر تصريحات عضو الكنيست، إليعزر شتيرن، بحق ريغيف انتقادات ثاقبة في إسرائيل. أثناء الجدل الذي دار بين الوزيرين، قال شتيرن: “لا أريد التحدث عن كيف شققت طريقك في الجيش، وأفضل السكوت”، مشيرا إلى شائعات ترتبط بخدمة ريغيف في الجيش، عندما كانت المتحدثة باسم الجيش. أثارت أقوال شيترين غضبا وانتقادا لاذعا، فسارع الكثيرون إلى دعم الوزيرة ريغيف، التي تصدرت جدول الأعمال اليومي الإسرائيلي ثانية.
تعتبر ريغيف، رمزا لليكود واليمين الإسرائيلي، وشخصية بارزة ومثيرة للجدل في السياسة الإسرائيلية. منذ أن بدأت ريغيف بشغل منصبها، تثير ضجة وجدلا في أحيان قريبة، إذ نُشرت في مواقع التواصل الاجتماعي في أحيان كثيرة تصريحاتها المحرجة واللاذعة. بالمقابل، حظيت ريغيف باستقبال حار في العالم العربي، وأعرب الكثيرون عن رضاهم عن نشاطاتها لدفع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية قدما.
قبل نحو أسبوعين رافقت ريغيف بعثة رياضية إسرائيلية إلى بطولة الجودو “جراند سلام”، التي جرت في أبو ظبي. لقد حظيت ريغيف باستقبال حار من كبار المسؤولين في اتحاد الجودو في الإمارات العربية المتحدة. انتشرت صورة ريغيف وهي تصافح يد رئيس اتحاد الجودو المحلي في مواقع التواصل الاجتماعي سريعا، فانتقد بعض المتصفحين الإسرائيليين محاولات ريغيف لجذب الانتباه، بالمقابل أثنى بعض المتصفحين على نشاطاتها من أجل تقريب القلوب والتطبيع.

وُلِدت ريغيف في كريات غات، عمرها 53 عاما، وأصل والدها من المغرب، أما والدتها فهي من إسبانيا. وبدأت طريقها السياسية في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في الثمانينات، ثم تقدمت وشغلت منصب المتحدثة باسم الجيش. أثار دور ريغيف بصفتها المتحدثة باسم الجيش في حرب لبنان الثانية انتقادات في إسرائيل، إذ اعتقد الكثيرون أنها تعمل على “دفع” الجيش ورئيس الأركان قدما، وأثارت مقابلاتها معارضة وفق رأيهم.
في عام 2008، بعد أن أنهت ريغيف خدمتها العسكرية، انضمت إلى حزب الليكود، ومنذ عام 2009 وهي تشغل منصب عضو كنيست نيابة عن هذا الحزب. خلال وقت قصير، أصبحت ريغيف السياسية الأكثر شعبية في الليكود بعد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وهناك من ينسب هذه الشعبية إلى دعمها الأعمى لنتنياهو وزوجته. يذكر معارضو ريغيف في أحيان كثيرة أن إدارتها غير لائقة، موضحين أنها لا تستند إلى أساس أيدولوجي حقيقي.

في أيار 2015، عُيّنت ريغيف وزيرة الثقافة والرياضة. تسبب منصبها بخلافات مع فنانين، إذ ادعى جزء منهم أن ريغيف لا تموّل أعمالا فنية لا ترغب فيها. في لقاء مع فنانين، ادعت ريغيف أن الليكود حصل على 30 مقعدا، لهذا هي التي تقرر من يتمتع بميزانية وزراة الثقافة والرياضة. من بين خلافات أخرى، دار خلاف بين ريغيف والممثل العربي، نورمان عيسى، الذي رفض المشاركة في عرض في غور الأردن، لهذا انشترت حملة احتجاجية وقّع عليها مئات الأشخاص.
في أيلول 2015، نشرت ريغيف المعايير الخاصة بوزارة الثقافة والرياضة لتمويل مؤسسات ثقافية. من بين معايير عدم التمويل: مَن ينكر وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، من يحرض على العنصرية، يمارس العنف والإرهاب، يذكر يوم استقلال إسرائيل كيوم حزن، مَن يرتكب أعمال تلحق ضررا برموز الدولة، ومَن يقاطع إسرائيل أو يناشد مقاطعتها.

في بداية الأسبوع، أثارت ريغيف غضبا لدى فنانين إسرائيليين مرة أخرى، بعد أن صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مشروع قانون “الولاء في الثقافة”، الذي بادرت إليه ريغيف ووافقت الحكومة عليه. يُفترض أن يلغي مشروع القانون هذا تمويل هيئات ثقافية “تسعى” إلى زعزعة قيم الدولة ورموزها. مثلا، لن تحصل المؤسسات الثقافية التي تمس برموز الدولة أو تحتقرها على ميزانيات. عارض إسرائيليون كثيرون القانون، مناشدين الحكومة للتخلي عنه، ومنع تقييد حرية التعبير، الإبداع، والتفكير.
إضافة إلى الانتقادات الكثيرة إزاء الوزيرة صاحبة الصوت العالي، والمسيطرة، فهناك الكثيرون الذين يدعمون هذه الوزيرة الجريئة، التي لا يمكن وقفها، ويرحبون بنشاطاتها في مجال الثقافة والرياضة. يشير داعموها إلى ما لا نهاية من المبادرات التي قامت بها منذ أن بدأت تشغل منصبها، ومنها إحداث ثورة في مجال الثقافة، وجعل الثقافة الشرقية تتصدر مكانا هاما في إسرائيل.
ريغيف متزوجة من درور، الذي يعمل مهندسا في الصناعة الجوية، ولديهما ثلاثة أطفال. وهي حاملة اللقب الأول في التربية غير الرسمية، واللقب الثاني في إدارة الأعمال.