تطوع 234 يهوديا من أصول يمنية في الحرب العالمية الثانية لخدمة كتيبة النخبة في الجيش البريطانيّ، إضافة إلى 3000 مقاتل من إسرائيل. لقد عمل المتطوعون في مهام مختلفة مثل فتح طرقات، إقامة حصن، شق شوارع، بناء سكك حديدية، وشحن معدات وذخيرة في الصحراء الكبرى في أفريقيا وفي اليونان. وقع 146متطوعا في الأسر الألماني في اليونان في عام 1941.
نشرت صحيفة “هآرتس” اليوم قصة زكريا بوطال الاستثنائية، أحد المقاتلين من أصول يمنية. ولد زكريا بوطال عام 1922، في بلدة بيتح تكفا (قرية ملبس) في حي أقيم من أجل القادمين الجدد اليهود الذي وصولوا إلى البلاد من اليمن. قدم والده يشعياهو من اليمن عام 1903. ولدت والدته يونا في البلاد لأب من أصل يمني كان قد قدم إلى البلاد عام 1882. كان زكريا عضوا في الحركات السرية اليهودية التي نشطت في إسرائيل أثناء الانتداب البريطانيّ وفي عام 1939، مع نشوب الحرب العالمية الثانية، تطوع للخدمة في الجيش البريطانيّ.
بعد فترة من التدريبات خرج مع أصدقائه المقاتلين للخدمة في مصر وليبيا. في عام 1941، انتقلوا إلى اليونان، ووفق أقواله “أطلق الألمان عليهم وابل من النيران”. لاحقا، تلقى آلاف الجنود في الوحدة البريطانيّة في اليونان أمرا بالخضوع إلى الألمان. “لم يكن أمامنا مكان يمكننا الهروب إليه”، قال بوطال الذي كان واحدا من بين نحو 1.500 جندي إسرائيلي وقعوا في الأسر الألماني.
حقيقة كونه جنديا في الجيش البريطانيّ منعت منه أن يكون مصيره مثل اليهود الآخرين الذين وقعوا في أسر الألمان. “نصحنا أحد ضباطنا أن نسير مرفوعي الرأس. أراد ألا نقع في الأسر بينما نظهر خائفين، بل أن نظهر يهودا فخورين”، قال. صحيح أن أكثرية الجنود اليهود بقوا ضمن مجموعة واحدة، ولكن وفق أقواله: “مزق جزء من الجنود هوياتهم ووقفوا بين المقاتلين البريطانيين. كان هؤلاء الجنود يهودا وصلوا من أوروبا، وخافوا لأنهم كانوا يعرفون الشعب الألماني جيدا. أنا لم أشاهد مواطنا ألمانيا أيا كان حتى تلك اللحظة”، قال بوطال.
في البداية، في مدينة كالاماتا، “احتجزونا في مكان كبير دون أن نحصل على طعام وماء”، وفق أقواله. لاحقا كان علينا المشي عشرات كيلومترات باتجاه سالونيك. “فرق الألمان بين اليهود والبريطانيين، ونُقلنا نحن اليمنيون إلى مجموعة منفردة. قالوا لنا إننا لسنا يهودا، بل أفارقة أبناء دين موسى”، وفق أقوال بوطال. أرسِلت المجموعة التي كان ينتمي إليها للعمل في أعمال شاقة في مصنع للمطاط في ألمانيا، كان يصنع سفنا عسكرية ألمانية. “صنعنا ثقوبا في السفن، وألحقنا بها ضررا دون أن يلاحظ أحد ذلك”، قال.
لاحقا أرسِلت للعمل في سكة الحديد. “لم أستطع العمل. كان الأوروبيون معتادين على البرد القارس، ولكني لم أشعر ببرد قارس إلى هذا الحد سابقا. كنت أقترب إلى برميل أشعلنا فيه حطبا للتدفئة”. عندما لاحظ مدير العمل النازي أفعاله، هاجمه. لذلك ألقى عليه بوطال حجرا. “فصرخ الضابط بوجه جنوده لإطلاق النار علي، فهربت نحو أصدقائي الذين أحاطوني وقالوا للجنود الألمان إنهم إذا أرادوا إطلاق النار علي، فليطلقوا النار علينا جميعا. لحسن حظي لم يفعلوا ذلك”، قال.
بهدف التهرب من البعثة التي أرسِلت للعمل في مناجم الفحم، اختبأ بوطال في أحد الأيام في المرحاض. في نهاية الحرب، عندم تم إخلاء الأسرى في المواكب الجنائزية اختبأ بوطال مع مجموعة صغيرة، حتى أطلق الروس سراحه.
لاحقا حارب في الجيش الإسرائيلي، وعمل طيلة حياته في إسرائيل فلاحا. توفي هذا الشهر عن عمر يناهز 95.