أبلغت منظمة حقول الإنسان التابعة للأمم المتحدة في بيان لها في بداية الأسبوع (الإثنين) عن طاقم لجنة التحقيق الدولية التي قامت بتشكيلها بغرض التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب على غزة. سيترأس الطاقم وليام شاباس، أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان وهو من أصول كندية. أشار مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أنه على الرغم من محاولات إسرائيل التأثير على مسار تشكيل اللجنة، فقد جاءت التشكيلة النهائية إشكالية جدًا وغير متوازنة.
بدأت إسرائيل، بعد أقل من ساعة على نشر بيان التعيينات، بمحاولة نزع الشرعية عن أعضاء اللجنة. أبلغ رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، بالتزامن مع تبني فكرة إقامة لجنة التحقيق الدولية، بأن منظمة حقوق الإنسان تحوّلت منذ زمن لمنظمة لحماية حقوق الإرهابيين وإلى منظمة معروفة نتائج تحقيقاتها مسبقًا.
نُشر اليوم أن أغلب الوزراء الإسرائيليين، 14 وزيرًا من بين 22، يعتقدون أنه يجب مقاطعة عمل اللجنة وعدم التعاون معها، كما فعلت إسرائيل مع لجنة جولدستون، التي حققت في حملة “الرصاص المصبوب”. أغلب الوزراء الرفيعين، من بينهم لبيد وليفني، لم يترددوا في استنكار إقامة اللجنة ومواقفها، لكن آخرين منهم- مثل وزير الأمن موشيه (بوغي) يعلون- رفضوا الردّ.
نُشر لاحقًا في إذاعة الجيش الإسرائيلية أنه يتبيّن أن إسرائيل لن تتعاون مع لجنة التحقيق لمجلس حقوق الإنسان في جنيف برئاسة وليام شاباس، لكن من ناحية أخرى ستشكل لجنة فحص إسرائيلية برئاسة قاضي محكمة العدل العليا. “من الواضح للنخبة السياسية في القدس أن لجنة شاباس ستكون منحازة منذ بدايتها وذلك ليست هناك رغبة في التعاون معها. تتعالى المخاوف إذا ما تم التحقيق مع ضباط إسرائيليين، أن تتم المراوغة معهم ويمكن لشهادتهم أن تفهم على غير وجهها”.
بالمقابل، يذكر المسؤولون في إسرائيل أنه كانت على طول عملية “الجرف الصامد” محاولة للحفاظ الدقيق على القانون الدولي ويؤمنون أنهم سيتمكنون من الوقوف باحترام أمام التحقيق وأن يعرضوا صورة الجيش الإسرائيلي كجيش أخلاقي الذي يمتنع ما أمكنه عن إصابة الأبرياء.
وقال وزير الاقتصاد نفتالي بينيت إن “لجنة يقف على رأسها إنسان دعا لمحاكمة نتنياهو وبيريس هي سرك لا سامي. كان يتعيّن على اللجنة الحقيقية أن تحقق في تمويل حماس، ومساعدة دول مثل قطر لها في تقوية التنظيم”. كذلك دعا بينيت إلى التحقيق في تعاون الأونروا مع حماس خلال الحملة.
من جانبه، قال شاباس في تصريحات له لوسائل إعلام إسرائيلية إنه “لديّ مثل الجميع، وجهات نظر بخصوص أمور عديدة تخص مستقبل إسرائيل وفلسطين، وطرق تحقيق السلام والعدل. لا يعني هذا أنني لا أستطيع تقدير الحقائق والتوصل لاستنتاجات قانونية دقيقة ونزيهة”.
ركز شاباس في عمله الأكاديمي على مجال الإبادات الجماعية. يعرف عنه انتقاده الشديد لإسرائيل، هاجم بشدة عملية “الرصاص المصبوب” (2008) وأثنى على تقرير لجنة جولدستون التي تم تشكيلها من قبل منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بعد انتهاء العملية العسكرية. قال شاباس بعد صدور التقرير إن رئيس اللجنة ريتشارد ستون يجب أن يحصل على جائزة نوبل للسلام.
سبق أن طالب شاباس في الماضي بضرورة محاكمة نتنياهو والرئيس السابق شمعون بيريس في المحكمة الدولية في لاهاي. قال شاباس خلال مؤتمر عُقد السنة الماضية في نيويورك إن “ما كنت أتوق لأن يحدث هو أن يجلس نتنياهو على مقعد المتهمين في المحكمة الجنائية الدولية”.
يشار إلى أن المهمة التي أُوكِلت للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تتركز أساسًا على التحقيق بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ولا تأخذ بالحسبان الجرائم التي ارتكبتها حماس ضدّ مواطني إسرائيل والتعرض للأبرياء جراء إطلاق الصواريخ المكثّف على البلدات المأهولة بالسكان.
توقع السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، رون بروشاور، في مقابلة لوسائل إعلام إسرائيلية، بأن إسرائيل لن تتعاون مع لجنة “شاباس”. شكك بروشاور بشرعية اللجنة وقال “إن تشكيل لجنة تحقيق برئاسة شاباس تمامًا مثل دعوة داعش لتنظيم أسبوع عن التسامح في الأمم المتحدة”.
رد البروفيسور شاباس على السؤال الذي طرحته عليه وسائل إعلام إسرائيلية وهو إن كان يعتبر حركة حماس منظمة إرهابية حيث قال “لا أعتقد أنه من المناسب أن أطلق مثل هذه التصريحات في هذا الوقت، علي أن ألتقي بأعضاء اللجنة الآخرين ونخرج بتقرير واضح. لا أنوي إطلاق تصريحات الآن، بل فقط عند صدور البيان”.
حاليًا، التأثير العالمي؛ بعد العملية العسكرية، لا يتوقف عند المظاهرات الحاشدة التي انطلقت بكل العالم ولا بتزايد الأعمال المعادية للسامية ضدّ اليهود – بل أيضًا تعدى ذلك إلى المجال الدبلوماسي. وأبلغت الحكومة البريطانية البارحة أنها ستعلق إصدار 12 تصريحًا لتصدير معدّات قتالية لإسرائيل – وعلى الأغلب قطع غيار للدبابات، الطائرات والرادارات – إن جددت إسرائيل العملية العسكرية في غزة.