دانت الولايات المتحدة واسرائيل الجمعة قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق اولي، وهو مرحلة تسبق فتح تحقيق، حول جرائم حرب قد تكون القوات الاسرائيلية ارتكبتها في فلسطين، الامر الذي رحب به الفلسطينيون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جيفري راثكي في بيان “نحن نختلف بشدة مع الخطوة التي قامت بها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية. انها لمهزلة مأسوية ان تكون اسرائيل، التي واجهت آلاف الصواريخ الارهابية التي اطلقت على مدنييها واحيائها، هي الآن موضع تدقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية”.
وبدوره، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه “يرفض” قرار المحكمة الجنائية الدولية، واصفا اياه بانه “امر مخز”. وراى ان المحكمة الجنائية الدولية لا تملك سلطة قضائية على فلسطين بما انها ليست دولة، بحسب قواعد هذه المحكمة بالذات، علما ان اسرائيل ليست عضوا في الدول الموقعة على اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة.
ورحب الفلسطينيون بقرار المدعية العامة، وقال وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي ان “الاجراءات الحقيقية بدأت في المحكمة الجنائية الدولية، ولا يستطيع احد او اي دولة ايقاف هذا التحرك”.
وتابع المالكي ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس “وقع على وثيقتين فيما يخص المحكمة الجنائية الدولية، اولاهما معاهدة روما حول انضمامنا الذي ستناقشه المحكمة في الاول من نيسان/ابريل المقبل”.
اما الوثيقة الثانية، بحسب المالكي، فهي اعلان يخول المحكمة “البحث في جرائم” ارتكبت منذ الثالث عشر من حزيران/يونيو الماضي. واضاف ان “البحث الاولي في الجرائم حسب الوثيقة الثانية لا يحتاج الانتظار حتى نيسان/ابريل، وغير مرتبط به”.
وقال المالكي ان قرار المحكمة “بدء التحقيق الاولي هو تأكيد بان لا احد ولا اي دولة قادرة على ايقاف هذا التحرك”.
واكدت منظمة العفو الدولية ان البحث الأولي “قد يؤدي في نهاية الأمر الى فتح تحقيق حول جرائم ارتكبتها كل الاطراف في اسرائيل وفلسطين وكسر ثقافة الحصانة من العقاب التي ادت الى استمرار دوامة من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية”.
وفتح تحقيق اولي هو التطور الاخير في اطار حملة دبلوماسية بداها الفلسطينيون في الامم المتحدة بعد طلب الانضمام الفلسطيني الى المحكمة الجنائية الدولية في 2 كانون الثاني/يناير والذي ردت اسرائيل عليه حينها بتجميد تسليم 106 ملايين دولار من الرسوم الضريبية التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية.
يتعلق فتح التحقيق الاولي بجرائم حرب مفترضة ارتكبت منذ صيف 2014 في فلسطين. والبحث الاولي يهدف الى تحديد ما اذا كان هناك “اساس معقول” لفتح تحقيق، كما ذكر مكتب المدعية العامة للمحكمة فاتو بن سودة في بيان، موضحا ان “المدعية العامة ستحلل خصوصا المسائل المرتبطة بالاختصاص وامكانية قبول الملف ومصالح التقاضي”.
ويتيح انضمام فلسطين الى معاهدة روما المؤسسة للمحكمة للمدعي طلب محاسبة المسؤولين الاسرائيليين بشأن عمليات عسكرية قد تنفذ لاحقا في غزة او بشأن احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية. ويمكن للمدعية العامة فتح تحقيقات اعتبارا من الاول من نيسان/ابريل. واوضح مكتب المدعية العامة ان “معاهدة روما لا تفرض اي مهلة لاصدار قرار يتعلق بتحقيق اولي”.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ارسل مع طلب الانضمام وثيقة تسمح للمدعية بالتحقيق حول جرائم مفترضة ارتكبت في “الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 13 حزيران/يونيو 2014”.
وفي ذلك التاريخ شنت اسرائيل حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية المحتلة تلتها الحرب في غزة. حملة الاعتقالات هذه بدات غداة خطف ثلاثة شبان اسرائيليين في الضفة الغربية ثم قتلهم. وخلال الاشهر الثلاثة التي تلت، اعتقل اكثر من الفي فلسطيني في الضفة الغربية وفي القدس.
وازدادت حلقة اعمال العنف عندئذ وخصوصا في المدينة المقدسة التي شهدت مواجهات وعدد من الهجمات.
وبعد اقل من شهر، بدات اسرائيل هجومها الثالث ضد قطاع غزة في غضون ستة اعوام، ما تسبب بمقتل قرابة 2200 فلسطيني في غالبيتهم من المدنيين. وقتل اكثر من 70 شخصا في الجانب الاسرائيلي كلهم من الجنود تقريبا.
وقال وزير خارجية اسرائيل افيغدور ليبرمان الجمعة ان اسرائيل لن تتعاون في التحقيقات مؤكدا ان فتح تحقيق الاولي قرار “مخز هدفه الوحيد تقويض حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الارهاب”.
واضاف ان “المحكمة نفسها التي لم تر انه من الاجدى الاهتمام بما يجري في سوريا حيث قتل 200 الف شخص، ولا في ليبيا ولا في اي مكان اخر، ترى انه يجدر +التحقيق+ حول الجيش الاكثر اخلاقية في العالم لاسباب سياسية بحتة ومناهضة لاسرائيل”، وفق تعبيره.
والمحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، متخصصة في ملاحقة المنفذين المفترضين لعمليات ابادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب منذ الاول من تموز/يوليو 2002. وفي الاجمال، فان 123 دولة انضمت حتى اليوم الى معاهدة روما اسرائيل ليست بينها.
حاولت السلطة الفلسطينية سابقا الحصول على اعتراف باختصاص المحكمة لكنها فشلت عندما كانت فلسطين لا تزال عضوا مراقبا في الامم المتحدة. وحصلت فلسطين نهاية 2012 على وضع دولة غير عضو ما يتيح لها الانضمام الى عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية من بينها المحكمة الجنائية.