هناك قلق لدى المنظومة الأمنية في إسرائيل والشاباك في السنوات الأخيرة من عمليات الأسلمة المتسارعة التي يمرّ بها الكثير من الشبان البدو في مناطق قرية حورة في إسرائيل.
مجددا، بعد شهرين من إطلاق النار تجاه إسرائيليين في المحطّة المركزية بمدينة بئر السبع الجنوبية، والذي نفذه مهند العقبي، رُبط اسم البلدة البدوية حورة بالإرهاب.
وقد اعتُقل فهدي داهود محمد (19) ابن المنطقة باشتباه أنه انتمى إلى خلية إرهابية تابعة لحماس.
وليست هذه هي المرة الأولى التي ينفذ فيها شاب بدوي من بلدة حورة عمليات إطلاق النار أو الطعن. ففي نيسان 2009، وصلت فتاة من سكان المنطقة إلى مدخل ثكنة حرس الحدود وأطلقت النار من مسدّس. فأطلق عليها حارس المكان النار وقتلها. ولا يزال دافع العملية حتى اليوم بمثابة لغز. بعد خمس سنوات من ذلك اعتُقل مواطن من حورة بعد أن اتضح في تحقيقات الشاباك أنّه ساعد بدويَين من سكان النقب على الخروج إلى سوريا والانضمام إلى التنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي.
وفي شهر تموز الماضي تصدّرت علاقة البدو بداعش العناوين مجدّدا، بعد أن نشر ستّة من سكان حورة، ومن بينهم معلّمون، أيديولوجيّة التنظيم السني – وهذه المرة أيضًا بعد أن تعرّضوا لعقيدة هذا التنظيم المتطرف في مواقع التواصل الاجتماعي. وقد عزت المنظومة الأمنية أهمية كبيرة لحقيقة أنّهم يعملون في مجال التربية، حيث إنهم ذوو تأثير كبير على الجيل الصغير في مكان سكناهم.
ولكن، ما الذي يقود هؤلاء الشبان البدو، الذين يعيشون في أراضي دولة إسرائيل، إلى إقامة علاقات مع خلايا إرهابية تابعة لداعش وحماس؟
من خلال دراسة الحالات، تظهر صورة جديدة ومقلقة جدّا: الإحساس بالاغتراب، الفقر المدقع، عمليات الأسلمة المتسارعة بل والرغبة في “الانتقام” من سياسة هدم القرى غير المعترف بها في المجتمع البدوي في النقب وبشكل أساسي الكراهية الشديدة لكل ما هو مؤسسي.
وبشكل عام، يظهر من خلال البيانات المنشورة من قبل التأمين الوطني في إسرائيل وبيانات دائرة الإحصاء المركزية أنّ معدّل الفقر في أوساط الأسر البدوية هو أكبر بضعفين من معدّل الفقر العام.
وهناك حقيقة أخرى وبالغة الأهمية وهي أنّ نحو 3000 طالب جامعي بدوي يتوجهون كل يوم للتعلم في جامعات تابعة للسلطة الفلسطينية. هكذا على سبيل المثال مدينة رهط، المدينة الثانية في حجمها في النقب، ويعيش فيها 67 ألف مواطن من بينهم 18000 تلميذا. معدّل التسرب من المداس هو من أعلى المعدلات في الجهاز التربوي في إسرائيل ويبلغ 14%. يحدث بعض هذا التسرب بمبادرة من الأهل الذين يدفعون أولادهم إلى الخروج للعمل في سنّ مبكرة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب. تعاني المدينة من بطالة تصل إلى 34%.
ليست هناك كلية ملائمة للشباب من الوسط البدوي الذين يجدون صعوبة بسبب الفجوات في اللغة وفي قبولهم للتعلم في جامعات البلاد.
في مقابلة مع الإعلام الإسرائيلي، قال نائب رئيس مجلس حورة إنّها مسؤولية ملقاة على أكتاف الحكومة الإسرائيلية “من يمكنه أن يكون مسؤولا عن شبان يواجهون هناك (في الجامعات) حالة يمكنهم فيها الالتقاء بالكثير جدا من الأشخاص المنتمين لتنظيمات مختلفة؟ فكل موضوع داعش يبدأ هناك. إنهم يلتقون هناك بأشخاص من إيران والسعودية”.
ومن السمات الأخرى والحاسمة أيضًا هي سياسة هدم المنازل وإخلاء القرى البدوية غير المعترف بها في النقب. يذكر الجميع النضال الكبير الذي قاده البدو بمساعدة جمعيات إسرائيلية وأعضاء كنيست عرب لإلغاء مخطط برافر الذي يهدف إلى تنظيم الاستيطان البدوي في النقب ومصادرة مئات الدونمات من الأراضي الزراعية والمنازل البدائية في المجتمع البدوي. عام 2012، وافقت دولة إسرائيل على خطوة غير مسبوقة لهدم القرية البدوية أم الحيران لصالح مستوطنة يهودية.
إحدى السمات المهيمنة الأخرى هي العلاقات العائلية الواسعة القائمة بين قسم من التجمّعات البدوية في حورة مع قطاع غزة. فهناك لدى الكثير من الشباب الذين قرروا تنفيذ عملية إطلاق نار أو طعن علاقات عائلية كبيرة متجاوزة للحدود مع قطاع غزة. إحدى العائلات التي كانت متورطة بعدة حوادث أمنية في الماضي، هي عائلة أبو القيعان، ذات علاقات أسرية مع غزة. قبل نحو خمسة أشهر اعتُقل أربعة معلّمين من هذه العائلة باشتباه نشرهم لمضامين تابعة لداعش. وقبل نحو عام ورد أن عثمان عبد القيعان، وهو طبيب متخصص عمل في مستشفى بمدينة أشكلون، قد انضمّ إلى داعش وقُتل حين كان يقاتل في صفوف التنظيم.
تشكل هذه السمات صورة العديد من الشباب البدو من قرية حورة والذين يقيمون علاقات مع خلايا نشطة كامنة أو عناصر من داعش أو حماس سواء في القرية نفسها أو خارج حدود دولة إسرائيل في السعودية، الأردن أو قطاع غزة.