سيقول كثيرون لأنّهم مختلفون، مستثنون من المظهر الطبيعي المحلّي، لأنّهم يهدمون السلامة الدينية أو كما يقول المشرّعون في أوغندا الآن: “لديهم ديدان في أماكن أصبحت جميلة بالنسبة لهم”.
ولكن حقًّا، إنّ السبب الوحيد الذي يُلاحق من أجله المثليّون، المثليّات، المتحوّلون جنسيًّا وثنائيّي الميول الجنسية في كلّ أنحاء العالم هو أنّ “الاستقامة أو كل ما يعتبر معياريًّا يخاف من ذاته أكثر من خوفه من المثليّين”.
الخوف من التعامل أو مجرد إجراء محادثة مع شخص ذي ميول جنسية تختلف عن الغالبية المعيارية، يهدّد هيمنة الأغلبية بشكل مباشر. هذا برأي هو السبب في أنّ الكثير من الأشخاص حول العالم يخجلون من التعامل مع قضية الميول الجنسية أو إعطاء الحقوق المتساوية لأبناء المجتمعات المثليّة.
يعلّمنا التاريخ أنّ حضارات كاملة تقبّلت ذلك في يوم من الأيام دون مشاكل. في أماكن مثل: اليونان القديمة، روما، الممالك المغربية المختلفة، أن تكون مثليًّا أو مثليّة كان هذا أمرًا شائعًا. إذا، فماذا تغيّر؟
تغلبت الأديان التوحيدية والتعصّب الديني على المثلية الجنسية. وأنا لا أتحدّث عن الإسلام فقط، والذي أعتقد أنّه ظُلم على مرّ الزمن وكأنّه هو الوحيد الذي يعارض مضاجعة الذكور. لتجنّب الشكوك، تعاني النصرانية أيضًا واليهودية من فقدان الصبر على ظاهرة المثلية، وذلك رغم أنّه حتى اليوم لم ينجح أي باحث ديني، يحترم نفسه، في الإشارة إلى التفسيرات النصّية والفقهية، التي تحرّم هذا النوع من العلاقات بشكل مطلق.
في المجتمع الأبوي الذكوري، يعتبر المثليّ والمثليّة هادمين للنمط الاجتماعي الذكوري مفتول العضلات القائم اليوم والذي يتّخذ القرارات في جميع الأماكن المهمّة في العالم.
أوضّح، أنّ ظاهرة إقصاء المجتمع المثلي متأثرة بشكل كبير بإقصاء النساء. في مجتمع يسيطر عليه الرجال لا وقت لألعاب الجنس. تكون القرارات بين أبيض وأسود: أنت إمّا ذكر أو أنثى، وكلّ شيء بين ذلك يعتبر ملغيًّا، ضعيفًا وليس مقبولا.
أن تكون مختلفًا، فهذا خطر، ليس فقط في المجتمعات والثقافات التقليدية. أزعم بأنّ التاريخ يثبت مرّة تلوَ الأخرى بأنّ “المختلفين”، أولئك الذي قادوا عددًا ليس قليلا من التحوّلات لترقية البشرية، صُنّفوا على أنّهم “مجانين” أو “مرضى عقليّون”، أنّهم “خطرون” ينتهكون التوازن الاجتماعي. على سبيل المثال: أُضطهدت النساء القويّات وطوردنَ باضطهاد شديد قبيح في الولايات المتحدة وأوروبا على مدى عشرات السنين. الأشخاص الذين فكّروا خارج الصندوق أو امتلكوا الجرأة للتعبير عن رأيهم المعارض، سقطوا ضحية أعمال العنف وتم شنقهم، في أفضل الأحوال، في ميدان المدينة.
حين أسمع ادعاءات الرئيس الروسي، بوتين، أو ادعاءات الرئيس الأوغندي، يافري موسبني، أو كلّ زعيم آخر يخرج ضدّ المثليّين، أتسلّى دومًا بهذا الجهل الكبير. الجهل في هذه الحالات يكون مدقعًا، وأدرك كيف أنّهم لا يعرفون شيئًا. لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يعتقد شخص عاقل بأنّ هناك ديدان تخرج للمثليّين من مؤخّراتهم. الانحطاط في هذه الحالة هو في الواقع في التفكير وليس في “مؤخرات المثليّين”.
ما أحاول أن أقوله ببساطة هو: إنّ المثليّين، المثليّات، المتحوّلين جنسيًّا وثنائيّي الميل الجنسي هم من البشر العاديّين مع مشاعر وأفكار مثلكم تمامًا. الفرق الوحيد، وليحيَ الفرق الوحيد، هو في تفضيلاتهم الجنسية. إذًا، فإنْ كنتم واثقين من أنفسكم بشكل كاف فليس لديكم أي سبب حقيقي للذعر. إنّ الفهم بأنّ من يقف أمامكم هو إنسان عادي، وليس “شذوذًا عن الطبيعة” سيساعدكم كثيرًا وبالطبع سيغيّر العالم. إنّ الأمر يبدأ بكم، بالأمهات اللواتي يقبلن أولادهنّ كما هم، بالبيئة الداعمة والحاضنة. من هنا ستأتي البشرى.
هناك قصص لا حصر لها من قصص ألف ليلة وليلة تفتري على المثليّين والاختيار بتصديقها متعلّق بكم فقط: إمّا أن تنضمّوا إلى مجموعة جنون العظمة الذين يخافون من الآخر والمختلف، أو أنّكم تفرّقون بين الإنسان وما يحدث في سريره.