وفق تقديرات معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، بعد مرور أكثر من 6 سنوات على الحرب الدامية، قتل نحو نصف مليون شخص معظمهم مواطنون سوريون، ومليون لاجئ ونازح، هناك تقديرات متزايدة لانتهاء الحرب الأهلية السورية قريبا، ولكن سياسة إسرائيل بالنسبة للشرخ السوري ما زالت غامضة.
في صورة الوضع العسكري الحالي في سوريا، تحتل روسيا مكانة هامة حيث إنها منذ أيلول 2015 قررت التدخل عسكريّا، لمنع سقوط حكم بشار الأسد. بعد السيطرة على مدينة حلب، حقق “الائتلاف الموالي للأسد” نجاحات عسكرية. بالمقابل، تدفع القوات الأمريكية قدما حربا لتحرير الرقة، عاصمة الدولة الإسلامية في سوريا.
في كل هذه العمليات العسكرية، لم تشارك إسرائيل بشكل فعال وعلني وفضلت الوقوف بعيدا إلى حد معين. ولكن هذا الابتعاد يؤثر أيضًا في مكانتها في المعركة الدبلوماسية التي تدور حول سوريا.
في الأشهر الأخيرة، بُذِلت جهود سياسية بقيادة روسيا لتحقيق تسويات تشمل وقف إطلاق النار بشكل مستقر، كخطوة نحو تصميم وجه سوريا ونظامها في المستقبَل. إلى جانب روسيا التي تؤدي دورا رئيسيا، هناك أيضا مصالح لدى تركيا، إيران، وأمريكا.
ولكن في ظل النجاحات الروسية في سوريا، وتحسين مكانتها إقليميا، يتوقع معهد أبحاث الأمن القومي أن موسكو ستطمح إلى التوصل إلى تسويات مع أمريكا وزيادة التنسيق معها للحفاظ على النظام العلوي في سوريا. يمنح الأمريكيون الروس إمكانية إدارة عملية التسوية في سوريا، في حين يتقدمون في جهودهم لهزيمة “الدولة الإسلامية” وتنظيمات سلفية جهادية تابعة للقاعدة، من خلال شن هجوم جوي مكثّف.
دبلوماسيّا، إيران تواجه وضعا حساسا ويبدو أن هناك تناقض في المصالح بينها وبين حليفتها روسيا. فهي لا تنظر نظرة جيدة إلى الدور المركزي الذي تؤديه تركيا في النقاش حول مُستقبل سوريا. بالإضافة إلى ذلك، ليست راضية عن سياسة روسيا فعليا – تقسيم المناطق، بين قوة مُسيّطرة في أرض الواقع وبين استقلالية وإقامة قوة فدرالية فعلية (مثلا، الأكراد في شمال سوريا، أو السنة في منطقة إدلب). تعمل إيران على بسط سيطرة الأسد في مناطق إضافية وما زالت تسلح حزب الله، في الوقت الذي تتعاون فيه مع سوريا.
السؤال هو: استنادا إلى تحليل الوضع المذكور أعلاه، هل على إسرائيل أن تزيد من تدخلها في سوريا؟ قال رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخرا في سياق شن هجوم إسرائيلي علني في سوريا: “سياستنا متسقة للغاية. عندما نشخص محاولات لتحويل أسلحة متقدمة إلى حزب الله ولدينا المعلومات الاستخباراتية والقدرات العملياتية نعمل من أجل إحباط ذلك. هذا ما فعلناه سابقا وهذا ما سنفعله. إصرارنا قوي والدليل على ذلك هو أننا نعمل ويجب على الجميع أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار”. وفق أقوال نتنياهو، يبدو أن التقديرات الإسرائيلية هي أن ميزان القوة في سوريا يتغير ويعمل عكس مصالحها، ولذلك قد تزيد من تدخلها في التطورات في سوريا.
يحذر المحلِّلون من أن على إسرائيل العمل لتجنب زيادة قوة حزب الله في منطقة حدودها، ولكن من دون زعزعة علاقاتها الخاصة مع موسكو ودون تصعيد الأوضاع على الحدود في الشمال.
نُشرت هذه التقديرات مؤخرا في معهد أبحاث الأمن القومي (INSS).