لم يشكل إعلان نيكي هايلي، أمس (الثلاثاء)، الذي أوضحت فيه أن الولايات المتحدة تدرس تقليص المساعدات التي تقدمها إلى الأونروا وهي وكالة الأمم المتحدة التي تُعنى باللاجئين الفلسطينيين فقط، مفاجأة للإسرائيليين الذين على تواصل مع الإدارة الأميركية.
بعد إعلان هايلي غرّد ترامب تغريدة حادة أكثر وفق أسلوبه المعروف: “لا تحصل باكستان على مليارات الدولارات مقابل لا شيء فحسب، بل يحصل الفلسطينيون على مئات ملايين الدولارات سنويا منا أيضا، وفي المقابل، لا نحظى منهم بأي احترام أو تقدير. إنهم لا يرغبون حتى في التفاوض على معاهدة سلام التي كان ينبغي أن توقع منذ فترة طويلة مع إسرائيل”، كتب ترامب في تويتر:” لقد أزلنا القدس عن طاولة المفاوضات، وهي القضية الأصعب للمفاوضات، رغم هذا كانت إسرائيل ستدفع أكثر بكثير من أجلها. وعندما لم يعد الفلسطينيون مستعدين لإجراء محادثات سلام، فلماذا علينا أن تقديم المساعدات الهائلة من أجلهم؟”.
تبلغ المساعدات الأمريكية للأونروا حوالي 300 مليون دولار سنويا، وهي المموّل الأكبر للمنظمة. تجدر الإشارة إلى أن الوكالة تعرضت لانتقادات شديدة في الماضي بسبب تعريف لاجئ فلسطيني بشكل مختلف عن تعريف أي لاجئ آخر في العالم لأن هذا التعريف ينتقل بالوراثة من جيل إلى جيل. وتبلغ المساعدات التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية مئات الملايين من الدولارات الإضافية.
الإدارة الأمريكية مستاءة من “نوبة الغضب” التي أصيب بها الرئيس الفلسطيني في أعقاب إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل، رغم أنه تم إبلاغه، وإبلاغ جهات عربية أخرى، مرارا وتكرارا، أن الحديث يجري عن خطوة رمزية فقط، لن يكون لها أي تأثير على مكانة القدس في الاتفاق النهائي.
والسؤال الحقيقي هو ما إذا كان الأمريكيون “جديين” وسيقلصون المساعدات للفلسطينيين حقا. وفي هذا السياق من الجدير بالذكر أنه كان في الماضي للكونغرس الأمريكي العديد من المبادرات التشريعية، من أجل وقف المساعدات للسلطة الفلسطينية بسبب مشاركتها في الإرهاب ودعم الأسر الإرهابية. ولكن هناك حقيقة هامة لا يعرفها الكثيرون وهي أن إسرائيل منعت ذلك. وهذه المرة أيضا تشعر المنظومة الأمنية الإسرائيلية بالقلق إزاء هذه الخطوة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الحالة الاقتصادية في غزة التي باتت على وشك الانهيار، وقد تعرّض للخطر وجود السلطة الفلسطينية التي يعتمد اقتصادها على المساعدات الأجنبية.
وبالمناسبة، حذر المسؤولون الأوروبيون أيضا في السنوات الأخيرة من أنهم يعتزمون تقليص المساعدات للفلسطينيين بسبب الاحتياجات الطارئة التي واجهوها نتيجة التغيّرات في الشرق الأوسط، وأهمها هو اللاجئون السوريون الذين سيحاولون الوصول إلى أوروبا، إن لم يتمكنوا من الفرار إلى الأردن أو لبنان.
كان رد الفلسطينيين على ترامب قاطعا، وأعربت عنه حنان عشراوي، التي قالت إن الفلسطينيين لن يستسلموا للابتزاز، مهاجمة ترامب بكلمات قاسية.
والسؤال المطروح هو بطبيعة الحال كيف يمكن أن يُنظر إلى قرارات كلا الجانبين، عندما يتبدد الغضب وتُعرض عليهما مخاطر الخطوة الجديدة.