كرست صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية المعتبرة مقالا متعمقا حول الملك سلمان وحياة الترف للأمراء السعوديين. يصف المقال المؤلف من أكثر من أربعة آلاف كلمة، كيف يعيش أبناء العائلة المالكة حياة بذخ: يملك الأمراء السعوديون الذين يتراوح عددهم بين 12,000 حتى 15,000 وفق التقديرات، قلعات قديمة في أوروبا، وقصورا فاخرة في السعودية، حسابات نقدية ضخمة في مصارف سويسرية، سفنا شراعية كبيرة وفاخرة، سيارات فاخرة، وملابس لمصممين هي الأغلى في العالم.
تحققت ثروة العائلة المالكة السعودية بفضل العثور على آبار النفط في فترة حكم والد الملك سلمان، عبد العزيز بن سعود، قبل أكثر من 75 عاما. ما زال بيع النفط يدخل مليارات الدولارات سنويا.
ولكن الخسائر الهائلة التي لحقت بالدولة في أعقاب انخفاض أسعار النفط أدت إلى أن تتساءل صحيفة “نيويورك تايمز” إذا كانت العائلة السعودية، وكل الآلاف من أبنائها، قادرين على متابعة نمط حياة التبذير، والحفاظ على السيطرة التي لا يشق لها غبار في المملكة العربية.
تظهر في المقال مقابلة أجراها أحد أبناء العائلة الموسعة، خالد بن فرحان آل السعود، الذي يعيش في ألمانيا. وفق أقواله، هناك الكثير من الأموال التي أخفاها الملك ولم تصل إلى ميزانية الدولة، التي يديرها بنفسه.
الملك سلمان ابن الثمانين عاما، هو الابن الأخير لمؤسس السلالة الذي من المتوقع أن يشغل منصب ملك قبل أن ينتقل الحكم إلى الجيل القادم، ولكن حكمه يستند إلى أبناء العائلة، فكلهم أغنياء جدا اعتادوا على حياة الترف منذ الصغر، لذلك فإن كل مس بهم قد يشكل خطرا على حكمه وحياته أيضا. وقد نجح الملك في إثارة غضب بعض أبناء العائلة المالكة وشن خلاف عائلي، عندما غيّر تقاليد الميراث، ونقل وظائف كثيرة وتعيينات هامة إلى الجيل الشاب ومقربيه.
بهدف التغلب على الخسائر والفارق في الميزانيات الهائلة المتوقعة، اتبعت الحكومة السعودية برنامج تقشف رسميا. فقلصت الأجر في القطاع العام والدعم الحكومي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود، الكهرباء، والماء. بدأت الحكومة باقتراض مبالغ مالية هائلة، وقلصت عدد الوظائف، ما أدى إلى قلق كبير في أوساط الشبان الذين لم ينجحوا في العثور على عمل.
أصبح يملك المواطنون في الدولة مالا أقل، ولكن لم يطرأ أي تغيير في أوساط العائلة المالكة. وفق أقوال كاتبي المقال، “لا تشكّل التهديدات الخارجية (مثل الحرب في اليمن أو زيادة قوة إيران الخصم) خطرا على استقرار الحكم، بل الوضع الاقتصادي في الدولة، الآخذ في التدهور”. يتمتع السعوديون بظروف اجتماعية ممتازة، تتضمن من بين أمور أخرى، تعليما مجانيا وخدمات صحية مجانية، ولكن يعاني الكثير من المواطنين فقرا والوضع لم يعد جيدا في أوساط الطبقة الوسطى أيضا.
ادعى المتحدثون باسم الدولة أن أبناء العائلة المالكة تضرروا أيضا وأن الميزانية المخصصة لهم قد تقلصت، ولكن يشهد الكثيرون أنه لم يطرأ أي تغيير على مستوى حياتهم. وفق أقوال كاتبي المقال، الأمراء في فترة حكم سلمان يتمتعون بالحقوق والميزانيات أكثر. في السنة الماضية فقط، اشترى أبناء العائلة المالكة عددا من العقارات الفاخرة في باريس قيمتها ملايين اليوروهات، إضافةً إلى الكثير من العقارات، القصور، والشقق الفاخرة التي يملكونها. وذروة كل العقارات هو القصر الفاخر الذي بناه الملك سلمان لنفسه في طنجة، على شاطئ البحر في المغرب.
يشمل القصر الفاخر فنادق خمس نجوم، لحاشية الملك، مهبطا مروحيّات، وخيمة كبيرة للاحتفالات. وفق تصريح مكتوب للناطق الرسمي باسم الملك سلمان، فإن كل التكاليف من حساب الملك الشخصي، وليست من خزينة الدولة. ولكن العمال في الموقع، الذين اضطروا إلى تسليم هواتفهم النقالة وهوياتهم، منعا لتسريب صور من الداخل، يقولون إنهم حظوا في المقابل برحلة مجانية للحج إلى مكة. هذا هو مثال واحد فقط من الأمثلة على التبذير للملك والعائلة المالكة كلها.
إذا استمر الحال هكذا، قد يبدأ الهدوء المتواصل الذي يتمتع به الحكم السعودي، الذي لا معارضة له، بالزعزعة، ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة بأكملها. تشكل شعبية شبكات التواصل الاجتماعي في الدولة وأهمها تويتر، التي تتيح للكثيرين التعبير بحرية تقريبا ضد الحكم، عائقا آخر أمام العائلة المالكة الرائدة في الشرق الأوسط.