“نحن موجودون عشية انتفاضة ثالثة”، هذا ما دونه عضو بارز في حركة حماس، موسى أبو مرزوق على صفحة الفيس بوك الخاصة به. إذا كنت تتجاهل حقيقة أن مسؤولي حماس قد انتقلوا مؤخرًا إلى وضع المعلقين المراقبين لما يجري في الواقع، ربما قد تحتاج إلى التدقيق في بيان أبي مرزوق الذي يعتمد على سلسلة من الأحداث على الأرض.
تنضم حادثة مقتل الجندي الإسرائيلي غال كوبي في الخليل أمس على يدي قناص إلى حادثة مقتل جندي آخر، تومر حازان، الذي رافق صديقه الفلسطيني حيث قام الأخير بقتله في قريته في منطقة قلقيلية.
تجرّ عمليات الفلسطينيين وراءها حتمًا سلسلة من ردود الفعل من جانب إسرائيل. على المستوى الميداني: مثل إلقاء القبض على النشطاء المسلحين في الضفة الغربية، وعلى المستوى الرمزي، مثل: قرار نتنياهو للسماح للمستوطنين الدخول إلى مبنى في الخليل – وهو إجراء امتنع عن اتخاذه حتى الآن، وربما قرارات سياسية أخرى حيث أن كبار الوزراء، وعلى رأسهم زعيم حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، يطالبون نتنياهو بعدم الإفراج عن السجناء الفلسطينيين نتيجة للزيادة في أعمال العنف.
إن الميل لدى الجيش وأجهزة الأمن في إسرائيل هو “احتواء” الأحداث بقدر الإمكان وعدم الدخول في دوامة من العنف والعنف المضاد. ولذلك، من المرجح أن تتسم ردود الفعل بضبط النفس تمامًا من أجل منع الحيلولة دون فقدان السيطرة، على الرغم من ضغط الرأي العام المطالب بالعمل بمزيد من الحزم. وقد رفع متظاهرون في بات يام، على سبيل المثال، لافتات كتب عليها: “نتنياهو جيد للمخربين”.
الاعتقاد في إسرائيل أن الجولة الحالية من العنف يحركها عاملان: ضعف حماس، والتقدم الهادئ في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين.
يبدو أن حماس تمر حاليًا في إحدى أصعب الأزمات التي شهدها منذ تأسيسها في أعقاب سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
شرعت السلطات المصرية في هجوم على حركة حماس التي لا تزال تساعد، بحسب ادعائهم، المنظمات الإرهابية والمنظمات ذات الصلة “بالإخوان” في سيناء. وقد ازداد الضغط الاقتصادي على قطاع غزة بشكل كبير بسبب هذا، ونظرًا للتحرك المصري الحازم ضد الأنفاق التي تستخدم أيضًا لتهريب الأسلحة. وتحاول إسرائيل في الواقع تحقيق التوازن والحيلولة دون الانهيار الاقتصادي في غزة من خلال زيادة كمية المنتجات الجاهزة التي تمر عن طريق المعابر. وقد سُمح في الأيام الأخيرة للمرة الأولى منذ ست سنوات بإدخال الاسمنت والحصى إلى القطاع.
تدرس حماس خطواتها التالية: هل يجب محاولة العودة، بشكل يائس، إلى المحور الإيراني – السوري الذي تخلوا عنه (على افتراض أن الإيرانيين سيرحبون برجوعهم)، هل يتعين السعي إلى الوحدة مع حركة فتح (التي لا تبدو بأنها مهتمة بهم في هذه الأيام)، أو رفع مستوى العنف والأمل بتغيير قواعد اللعبة.
قد يكون هنالك عامل إضافي، كما كان من قبل، يحفز على اندلاع العنف وهو ما يبدو وكأنه تقدم هادئ في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين. وتقول مصادر إسرائيلية مقربة من المحادثات بأن الأمور قد تبدو أكثر جدية مما كان متوقعًا، وأنه على الرغم من الانشغال الكبير بالقضية السورية مؤخرًا، لا يزال كيري والطاقم الأمريكي مصممين بقوة على تسجيل إنجازات في المسالة الفلسطينية.
في حال تم إحراز تقدم، من المتوقع أن تقدم أطراف دولية المساعدة لكيري لتحقيق برنامجه الاقتصادي، وسيقومون بضخ الأموال إلى الضفة. ومن المتوقع أيضًا أن تفرج إسرائيل عن العديد من السجناء الفلسطينيين. ويمكن الافتراض أن هذين العاملين يشكلان حافزًا للسلطة الفلسطينية لوقف التطورات العنيفة على نطاق واسع.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن السلطة امتنعت عن إدانة قتل الجنود الإسرائيليين في الحالتين الأخيرتين وأن لها علاقة مركبة مع كتائب شهداء الأقصى المرتبطة بغالبيتها بحركة فتح.
إذا استمرت أعمال العنف، فمن المرجح أن يزداد الضغط كثيرًا على نتنياهو للرد بحزم، لا سيما من قبل وزراء اليمين في حكومته – الليكود والبيت اليهودي.
الافتراض في إسرائيل حاليًا أنه ليست هناك صلة بين الحادثتين العنيفتين وأن مصلحة الجانبين هو الحفاظ على الوضع تحت السيطرة.