الرسالة الصعبة “الليكود يعرب عن قلقه من نسب التصويت المرتفعة في الوسط العربي” والتي صدرت حتى بصوت نتنياهو، والذي كان من المفترض أن يكون رئيس الحكومة للجميع؛ ولم تصل إلى آذان مواطني إسرائيل العرب في طوابير صناديق الاقتراع. في يافا، لم يسمعه أحد وهو يقول هذه الكلمات، وعلى أية حال، فإنّ مثل هذه المقولات لم تعد تفاجئ أحدا.
بدأ المصوّتون من الوسط العربي صباحهم في صناديق الاقتراع واستمرّوا في التدفق طوال اليوم، في كل مكان بجموعهم. ومن خلال محادثات مع أشخاص في أماكن التصويت، تظهر صورة واضحة. يرتفع سقف التوقعات والاعتقاد بأنّ التصويت الكثيف للوسط سيكون قادرا على إحداث تغيير هام.
في يافا، تحت شمس لطيفة ومداعبة، في صندوق اقتراع في شارع “بستالوتزي”، هناك شعور بحركة يقظة للناخبين والناخبات. أمهات وأطفالهنّ، كبار السنّ، أسر بأكملها. كان خارج صندوق الاقتراع نشطاء سياسيون: من حزب الليكود، ميرتس، المعسكر الصهيوني، ولكن أيا منهم لم يقم بجهد لإقناع عرب يافا في التصويت لحزب غير القائمة المشتركة.
قالت وهيبة أبو حبيش، هي أم لستة أطفال، تبلغ من العمر 41 عاما، لي، إنّها لا تعرف رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة، والآن أيضًا في يوم التصويت، فهي غير متأكدة بأنها سمعته يوما وهو يتحدث، وأضافت “لكنني سمعت عن الاتحاد بين الأحزاب. ورغم أني كنت أصوت للطيبي في الماضي ولكني راضية جدا لكونهم قد اتحدوا جميعا وسيصوّتون لهم سوية”.
في الوقت الذي أجريت فيه مقابلة مع أبو حبيش، انضمّ إليّ محمود فنجري وطلب تصويره ليتحدث إلى الصحيفة “أنا كنت دائما مع المعراخ. لقد مثّل أتباع هذا الحزب الوسط العربي، وهم أيضا أصحاب فريق هبوعيل تل أبيب في كرة القدم ويعرفون أنّنا جميعا هنا في يافا نشجّع هذا الفريق. ولكن هذه المرة، سأصوت للقائمة المشتركة. لأنني أعتقد أنّه بفضل الوحدة سيدخلون إلى الحكومة. أنا أثق تماما بهرتسوغ بأنّه هذا كان اتجاهه. ورغم أني أحب ميرتس جدّا أيضًا. فأنا أريد الجميع في الداخل”.
سؤال: أن تطرح هنا توقعات مبالغ بها والقائمة المشتركة، على الأقل التجمّع، لا يريدون إطلاقا أن يشاركوا؟
فنجري: “دائما يجب الاستمرار في المحاولة. في النهاية الجميع سيرضى. لا ينبغي التنازل عن الطموح بالتأثير عليهم ليصلوا إلى النتائج الصحيحة. أبلغ من العمر 73 عاما، أعيش هنا قبل حرب 1948 وأعلم أنّه في النهاية سيتم إسقاط الليكود من الحكم. لن يكون الأمر هكذا إلى الأبد. أحب اليهود والأعياد اليهودية، وأستمتع في عيد الفصح بأن أكون ذلك الذي يشتري طعام مصنوع من العجين المختمر. لا ينبغي التوقف عن الإيمان بالتعايش”.
سوري عيسى، عمره 20 عاما، والذي صوّت عام 2013 لحزب ميرتس، يفكر هو أيضًا بالتصويت للقائمة المشتركة. “لم أقرّر نهائيا بعد. سأقرّر بعد الظهر. هذه المرة كانت هناك ضغوط هائلة على الجميع للخروج للتصويت. على جميع أصدقائي من الثانوية، وكذلك على أسرتي. لا ينتخب الجميع القائمة المشتركة، ولكنهم سيذهبون جميعا للتصويت. سيخرجون للتصويت فقط”.
رافقت الأجواء المتفائلة في صندوق الاقتراع في يافا جميع المحادثات والأسئلة التي وجّهتها للناخبين. عبير، أم لاثنين، تعمل في مجال التعليم وقد وصلت إلى الصندوق مع ابنها، محمد البالغ من العمر 12 عاما، انتظرت بصبر في الخارج حتى تصل ابنتها أيضًا. لقد طلبت من الأطفال المجيء ليروا العملية الديمقراطية. “في كل انتخابات أقوم باصطحابهم. هذا مهمّ جدّا”.
“في المرة الماضية انتخبت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. في كل مرة يطمحون بأن تكون نسبة التصويت مرتفعة ولكن هذه المرة الأمر يختلف. أشعر بأنّ هناك نسبة تصويت كبيرة منذ الصباح. ما تغيّر هذه المرة هو أنّ هناك شعور اغتراب أقل. نشأ أمل ضخم لحوار مع اليهود ولخطاب المساواة ونشأ أيضًا أمل بأن يجلبوا لنا حلولا أفضل في مجال السكن والتعليم”.
التقيتُ أبو خليفة سعيد، 50 عاما، وهو يسير على مهل مع حفيدته خارج الصندوق. وقد اصطحب هو أيضًا حفيدته لتشهد التصويت وتتعلم كيفية ممارسة حقّها في المواطنة. ولكن كان يخشى من التزوير والتضليل في الانتخابات. “أنا منزعج جدا بأن يكون داخل الصندوق بطاقة مع الحرف “ع”. لا أعلم لأي حزب تعود هذه البطاقة ولكن العشرات من الناس، على الأقل 50 مصوتًا، خلطوا بين هذه البطاقة وبطاقة “و ض ع م” والتي هي القائمة المشتركة. هذا ليس عادلا ببساطة. هكذا يضرّوننا”.
أما توقعات سعيد فهي مرتفعة. “في المرة السابقة اخترت دعم الطيبي. وهذه المرة القائمة المشتركة” كما قال.
في وقت سابق اليوم، استطلعت أيضًا صناديق الاقتراع في بات يام. هناك أيضًا حركة يقظة من الناخبين، ولكن الأحزاب المطروحة مختلفة جدّا. اختار معظم الناس أحزاب اليمين ولكن التفضيلات تراوحت بين البيت اليهودي، كحلون، شاس، ليبرمان، وحزب ياحاد التابع لإيلي يشاي. بشكل مفاجئ، لم يتم تقريبا ذكر اسم الليكود كخيار من قبل الناس. كان أحد الشباب البالغ من العمر 21 عاما، من الشرقيين، جريئا، والذي اعتبر نفسه خبيرا في الانتخابات وكان منزعجا من سقوط أحزاب اليمين مثل إسرائيل بيتنا وياحاد تحت نسبة الحسم. لقد أرسل جميع أقاربه ومعارفه للتصويت الاستراتيجي لأحد أحزاب اليمين، لكن بمنأى عن الليكود.
سترفع نسبة التصويت المرتفعة بشكل خاصّ في الوسط العربي عدد الأصوات الصالحة التي سيتم إدراجها في الحساب الذي يقيس المقعد، بالإضافة إلى ذلك فإنّ نسبة التصويت المطلوبة للدخول إلى الكنيست، ستكون أكبر بل وستصعّب الأمر على الأحزاب المتأرجحة: ميرتس، إسرائيل بيتنا وياحاد؛ في اجتياز سقف الحد المطلوب.