نشرت منظمة حقوق الإنسان “مسلك” التي تابعت إعادة إعمار غزة في السنتين الماضيتين بشكل شامل، هذا الأسبوع، تقريرا شاملا ومحتلنا عن إعادة إعمار القطاع وسكانه منذ انتهاء الحرب في صيف 2014، التي استمرّت خمسين يومًا. يشير التقرير إلى عدة معايير في عملية إعادة إعمار القطاع: البناء، حركة نقل البضائع، وتنقّل الأشخاص.
يتطرق التقرير إلى حقيقتين بشكل خاص، وهما أنّه رغم دخول مواد البناءإلى القطاع خلال العامين الماضيين بهدف بناء المباني التي تم هدمها، فإنّ حقيقة تعافي سكان غزة تأخر عن المجيء، وهو ما ينعكس في معدّلات البطالة، حالة البنى التحتيّة، القدرة على التنقل، وعدد المشرّدين.
لغرض البناء في القطاع، دخل عن طريق معبر كرم أبو سالم 915 ألف طنّ من الأسمنت و 126 ألف طنّ من الحديد للبناء منذ نهاية الحرب في أيلول عام 2014 وحتى نهاية حزيران عام 2016، ولكن ذلك لا يكفي لكل احتياجات إعادة الإعمار. في المقابل، فإنّ قسمًا كبيرا من الأموال التي وعدت بها دول مختلفة لإعادة إعمار غزة، لم يصل بعد، والانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني يؤثر في تأخير وصول الأموال أكثر. وهناك مشكلة أخرى وهي أنّ الآلية التي تشرف على تدفّق موادّ البناء تحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة السلطة الفلسطينية، تجد صعوبة في منع تسلل الموادّ إلى السوق السوداء.
إن حركة نقل البضائع، شهدت في السنتَين الماضيتَين مغادرة نحو 127 شاحنة محمّلة بالبضائع شهريّا بالمعدّل، من غزة مقارنة بـ 1,064 شاحنة محمّلة بالبضائع خرجت منها شهريا قبل الحصار. في الأشهر الأخيرة كان معبر كرم أبو سالم المعبر الوحيد الذي كان مفتوحا لمرور البضائع، ولكن في شهر أيار الأخير وافق وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، يعلون، على فتح معبر إيرز أيضًا لنقل البضائع. وهذا التخفيف الكبير، جاء في أعقاب ممارسة سكان المنطقة الإسرائيليين ضغطا على وزير الدفاع.
ومن حيث تنقّل الأشخاص، فإنّ الوضع قاتم أكثر. هناك معبران فقط يمكن التنقل فيهما بين غزة ودولتين آخرتين – المعبر الأول بين إسرائيل وغزة وأما الآخر بين غزة ومصر. إنّ الخروج عن طريق المعبر الحدودي إيرز إلى إسرائيل يتطلّب تصريحا خاصّا، والذي يُعطى لشريحة محدودة من التجار، وكبار السنّ المسموح لهم بالخروج عدة ساعات في أيام الجمعة بسفريات منظّمة من أجل تأدية الصلاة في المسجد الأقصى، وللمرضى الذين يحتاجون إلى تلقّي العلاج الطبي في إسرائيل أو في الأردن.
إلى جانب ذلك، تم في أحيان كثيرة إغلاق معبر رفح بين غزة ومصر، والذي كان في الماضي معبرا يعجّ بالحركة، وذلك منذ تغيير السلطة في مصر. في النصف عام الذي سبق تغيير السلطة في مصر، في صيف 2013، غادر معبر رفح أكثر من 20 ألف شخص ودخل عبره إلى غزة 20 ألف شخص شهريا. في النصف الأول من عام 2016 سُجّلت في معبر رفح بالمجمل 11,376 حالة خروج ودخول، في كلا الاتجاهين. في أعقاب ذلك، لا يزال عشرات الآلاف الذين يفترض أن يخرجوا من غزة من أجل العمل، التعليم، الحصول على علاج طبي أو الالتقاء بأقارب العائلة خارج البلاد، عالقين في القطاع.