“اطردوا الحقيرين”. هذا هو الردّ الغريزي على التصرف الأحمق لأعضاء حزب التجمع الوطني الديمقراطي الثلاثة: جمال زحالقة، حنين زعبي، وباسل غطاس. لا يناسب أن يكونوا أعضاء في الهيئة التشريعية في دولة إسرائيل، حقا. إنهم يدعمون أعداءها ويطمحون للقضاء عليها. كيف نجحوا في الدخول إلى الكنيست؟ لقد نجحوا في ذلك لكونهم جزءا من القائمة المشتركة، بطبيعة الحال. تأسست القائمة كردّ فعل على فكرة أفيغدور ليبرمان في تحسين التمثيل في إسرائيل بواسطة زيادة نسبة الحسم. من يمثّلون؟ من الواضح أنهم لا يمثلون كل المواطنين العرب في إسرائيل، بل وحتى ليس جزءًا كبيرا منهم.
يشكّل المواطنون العرب نحو 17% ممّن يملكون حقّ التصويت للكنيست. حصلت القائمة المشتركة على نحو 11% من مجموع الأصوات. بكلمات أخرى، صوت نحو 65% من عرب إسرائيل للقائمة. وبقية الـ 35% وزّعوا أصواتهم بين سائر الأحزاب. كانت القائمة المشتركة القائمة العربية الوحيدة التي شاركت في الانتخابات، ومن الممكن جدا، بأنّه بالنسبة للعديد من الناخبين العرب كان التصويت لهذه القائمة خيارا افتراضيا، مع غياب حزب عربي لديه برنامج لدمج المواطنين العرب في المجتمع – وهو هدف الكثير من العرب الإسرائيليين. طالما بقيت نسبة الحسم كما هي، فلن يكون ممكنا تقريبا أن يكون مثل هذا الحزب ممثّلا في الكنيست.
حصل التجمع الوطني الديمقراطي على 23% من تمثيل القائمة المشتركة في الكنيست. هل هذا يقول إنّ 15% من مواطني إسرائيل العرب يؤيّدون الإرهاب الفلسطيني؟ على الأرجح أنهم لا يؤيدونه، ولكن من أجل الحصول على إجابة دقيقة من الضروري جدّا إجراء استطلاع للرأي بينهم.
والآن، بعد هذا التصرف المشين لأعضاء التجمع الوطني الديمقراطي الثلاثة، والذين كرّموا قتل حاييم حبيب، ألون غوببرغ وريشارد لايكين، هل يجب طردهم من الكنيست؟ يبدو أنّ جميع الإسرائيليين يعتقدون ذلك. ولكن يجب القول إنّ خطوة كهذه ليست إجراء مقبولا في الدول الديمقراطية.
نعم، الطرد متبع في الكونغرس الأمريكي والبرلمان البريطانيّ، ولكنه يُستخدم في أحيان نادرة فقط. ففي الولايات المتحدة يتطلّب الأمر غالبية من ثلثين من أجل طرد عضو من الكونغرس أو من مجلس الشيوخ، وذلك بعد تحقيق تجريه لجنة الأخلاقيات ووفق توصيتها. جرى آخر تحقيقان للطرد من مجلس النوّاب الأمريكي عامي 1980 و 2002. ففي كلاهما ارتكبت جريمتان جنائيتان – رشوة وتهرب من دفع الضرائب. في بريطانيا طُرد ثلاثة أعضاء من البرلمان في القرن الأخير – وذلك لارتكابهم جرائم جنائية. في كلا البلدين لم يُطرد أبدا عضو من مجلس النوّاب بسبب نشاطه السياسي. حتى في أيام حرب فيتنام، عندما كان الكثير من أعضاء الكونغرس الأمريكي نشطاء في حركات مقاومة الحرب، لم يُطرد أيّ منهم.
حسنا، هل يجب طرد أعضاء الكنيست بسبب نشاطهم السياسي في فترة ولايتهم؟ يعرف ناخبو القائمة المشتركة جيّدا آراء أعضاء التجمع الوطني الديمقراطي الثلاثة، والتي تنعكس بنشاطاتهم الأخيرة. ومع ذلك فمنذ دمج التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة لم تكن هناك إمكانية للتصويت لصالحها أو ضدّها، ولكن يحقّ لأعضاء الكنيست النوّاب عنها أن يعتقدوا بأنّهم يعملون وفقا للمقعد الذي حصلوا عليه من الناخبين.
ولأنّه ليس بعيدا أن نفترض بأنّ الغالبية العظمى من مواطني إسرائيل – اليهود والعرب على حدّ سواء – يعتقدون بأنّ نشاط الأعضاء الثلاثة ليس شرعيّا، فلا ينبغي ترك حزبهم، التجمع الوطني الديمقراطي، ممثَّلا في الكنيست. إنّ عدم تمرير قانون يمنع مشاركتهم في الانتخابات الأخيرة، كان خطأ. يجب سنّه الآن، من أجل منع دخولهم إلى الكنيست القادم. ولكن طردهم، بعد أن تم انتخابهم، ليس لائقا وليس حكيمًا كذلك.
نشر هذا المقال لأول مرة في صحيفة هآرتس