غمرت اليوم كمية مذهلة، لا سابق لها كما يبدو، من المُلحَقين العسكريين، الدبلوماسيين، وسائل الإعلام، والمراسِلين الأجانب، ميناء القاعدة العسكرية لسلاح البحريّة الإسرائيلي في إيلات. فقد قطعت السفينة العسكرية الكبيرة لسلاح البحريّة – التي شاركت في عملية القبض على “كلوز سي”، سفينة السلاح التي كانت في طريقها من إيران إلى قطاع غزة – هدوء الخطّ الساحلي للمدينة السياحيّة الإسرائيلية، الهادئ عمومًا، والمليء بالفنادق الفاخرة، أشجار النخيل وبعض المستجمّين.
على رصيف الميناء، عُرضت الكمية الكبيرة من السلاح والذخيرة التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي في العملية، لا سيّما صواريخ m-302 الخارقة للتوازُن، الطويلة والكثيرة جدًّا.
مكان العرض هائج ومائج – جنود، مراسلون، وحتّى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي يصوِّرون صورًا ذاتية (سيلفي) مع القذائف، والمراسلون يسعون في أثر الاختصاصيّين للحصول على أية معلومة جديدة أو مثيرة للاهتمام لم تُذكَر سابقًا. تُسمَع تقارير عن أهمية العمليّة في كلّ حدب وصوب، بالعبرية، الإنجليزية، العربية، الإيطاليّة، الفرنسيّة، ومزيج آخَر من لغات يصعُب تحديد هويّتها.
يبدو إذًا أنّ بإمكان نتنياهو أن يسجّل نجاحًا آخر لنفسه. فلا يقتصر الأمر على القبض على الذخيرة ومنع وصولها إلى غزة، بل يتعداه إلى النجاح الكبير في إنتاج حدث إعلامي كبير، إذ ردّدت عشرات وسائل الإعلام الأجنبية بلا انقطاع اللازمة التي يعشقها نتنياهو: كُشف وجه إيران الحقيقيّ.
مرّ أكثر من خمسة أيّام منذ الاستيلاء على سفينة السلاح، ونشر ذلك في الإعلام، ولكنّ الحديث عنها لم يتوقّف. فقد قيلت وكُتبت كلمات لا تُحصى حول توقيت النشر، فيما كان نتنياهو في زيارةٍ رسمية إلى الولايات المتحدة، عشية استئناف المحادثات النووية مع إيران.
ولم يُغفِل النقاش توقيت المؤتمر الصحفي اليوم في إيلات، بعد يومَين من وصول السفينة إليها، خصوصًا حول انتظار نتنياهو انتهاء نهاية الأسبوع في كلّ العالم، مِن أجل زيادة التغطية الإعلامية لأقواله. كما أمّن تأجيل المؤتمر الصحفي يومًا إضافيًّا تظهر فيه سفينة السلاح وإنجازات إسرائيل في العناوين، وأطالت أمد حياة النبأ.
لكن رغم أنّ الجميع يعرفون أهداف رئيس الحكومة ودوافعه، ويكشفونها في الإعلام، فإنّ هذا لا يمنع تحقّقها. فكمية المصوّرين، المُراسِلين، الدبلوماسيين، والملحَقين العسكريين الذين يعجّ بهم ميناء إيلات العسكري، فضلًا عن كمية الجنود، المرافقين، رجال الأمن، والعاملين بجهد في هذا الحدث المتّسم بالمبالغة الذي تحقق هنا، تثبت من جديد نجاح نتنياهو – مرَّتَين!