على وقع التصفيق المطوّل، دخل رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إلى قاعة الكونغرس الأمريكي ليلقي خطابا بها، للمرة الثالثة في حياته. وقد ظهر التعاطف الكبير الذي حظي به من الثواني الأولى، عندما قام الجمهور ليصفّق مرة أخرى لخطابه. وبحسب محلّلين، فإنّ مثل هذا الترحيب الحارّ محفوظ عادةً لرئيس الولايات المتحدة نفسه قبل “خطاب حالة الاتحاد”، وفي حالات نادرة فقط يحصل زعيم دولة كبيرة على تصفيق كهذا.
افتتح نتنياهو كلامه بالتطرّق للتوتّر بين واشنطن وإسرائيل حول الخطاب. ”أعلمُ أنّ خطابي كان موضوع جدل كبير، يؤسفني أنّ مجيئي إلى هنا يُنظر إليه كخطوة سياسية، لم يكن ذلك في نيّتي أبدا”. ونظرًا لهذا التوتّر، حرص نتنياهو على أن يشكر الرئيس الأمريكي، وأكّد على العلاقات الطيبة بين البلدين طوال السنين. ”بعض الأمور التي قام بها رؤساء أمريكيون من أجلنا لم تُنشر إطلاقا”، كما قال نتنياهو، ملمّحا إلى التعاون في القضايا الاستخباراتية السرّية التي قد تمسّ بإيران أيضًا. وشكر نتنياهو أيضًا أوباما لكونه قد استجاب له في كلّ مرة توجّه فيها إليه من أجل طلب المساعدة، بالإضافة إلى القبة الحديدية التي تحمي سكان إسرائيل.رغم ذلك، هاجم نتنياهو فيما بعد بشدة سياسة أوباما والاتفاق المتبلور.
بعد ذلك فورا، بدأ نتنياهو بالحديث عن الموضوع الذي خُصّص هذا المؤتمر من أجله: الطموحات الإيرانية في الحصول على السلاح النووي. افتتح نتنياهو كلامه قائلا إنّ الشعب اليهودي يحتفل بعيد المساخر، والذي يحتفلون فيه بقصة إستير: الملكة اليهودية التي كشفت النقاب عن مؤامرة قائد فارسي كبير لاغتيال الملك والقضاء على الشعب اليهودي. واليوم، كما قال نتنياهو، نحن نقف من جديد أمام قائد فارسي آخر يريد تدمير الشعب اليهودي: آية الله علي خامنئي. وأكّد نتنياهو بأنّ خامنئي لا يُخفي حقيقة أنّه يريد تدمير إسرائيل، وهو يغرّد بذلك علنًا في حساب تويتر الخاص به، وبالإنجليزية أيضًا.
بعد ذلك فورا، طلب نتنياهو المقارنة بين إيران وداعش، زاعما أنّه “ليس هناك فرق بين الدولة الإسلامية والجمهورية الإسلامية”. هاجم نتنياهو التعاون بين الولايات المتحدة وإيران في موضوع داعش قائلا: “سيشكل النظام الإيراني دائما تهديدا للولايات المتحدة. إنّ المعركة بين إيران وداعش لا تجعل طهران حليفة للولايات المتحدة… إنّهم يريدون السيطرة على المنطقة ومنّ ثمّ على العالم كلّه. في هذه الحالة لا مكان لإسرائيل ولأي أحد غيرها. لا مكان للمسيحيين، اليهود ولا أحد.. الفرق هو أنّ داعش مسلّحة بالسكاكين وأفلام اليوتيوب في الوقت الذي قد تصبح إيران مسلّحة بالسلاح النووي والصواريخ البالستية”.
عقب هذا، تطرق نتنياهو بشكل أكثر تحديدا إلى الاتفاق المتبلور، ودون أن يكشف عن تفاصيل غير معروفة عنه، كما طُلب منه من قبل الإدارة الأمريكية، قال إنّه في أي اتفاق، ستظلّ إيران قادرة على الحصول على القنبلة النووية. “وفقا للاتفاق، لن يتمّ تفكيك أية منشأة نووية إيرانية. سيستمر الآلاف من أجهزة نابذات الطرد من المركز في العمل. ولأنّ إيران ستحصل على هذه الأمور، يمكنها الحصول على قنبلة خلال عام، كما يظنّون في الولايات المتحدة، ووفقا لحساباتنا فستكون المدّة أقلّ”. وأوضح نتنياهو أيضًا بأنّه لا يمكن الاعتماد على الإيرانيين بأنّهم سيوفون بالاتفاق، وأكّد بأنّها “كُشفت مرّتين عندما تم الكشف عن المنشآت في نطنز وفي قم. وهناك منشآت ربما نحن والولايات المتّحدة لا نعرف عنها شيئا”.
استمر نتنياهو في الحديث إلى الجالسين في الكونغرس الأمريكي عن المخاطر الكامنة في الاتفاق، وفي أساسها حقيقة أنّه في نهاية المطاف فإنّ الاتفاق لن يمنع إيران من تطوير قنبلة نووية. عارض نتنياهو بشدّة أيضًا رفع العقوبات قائلا: “قبل رفع العقوبات، يجب أن تطلبوا من إيران ثلاثة أمور: “التوقف عن عدوانيّتها ضدّ جيرانها في الشرق الأوسط. الأمر الثاني التوقف عن تمويل الإرهاب حول العالم. والأمر الثالث التوقف عن التهديد بتدمير إسرائيل، دولة اليهود الوحيدة”.
ورغم أنّ نتنياهو لم يقترح بديلا للاتفاق المتبلور، ولكنّه أكّد مجدّدا بأنّه من المفضّل ألا يكون هناك أي اتفاق، من أن يكون اتفاق يسمح للإيرانيين بتطوير سلاح نووي.
ورغم الهجوم القاسي على السياسة الأمريكية، فقد حظي نتنياهو بتصفيق كبير طوال الخطاب، والذي وقف خلاله الجمهور مصفّقا نحو خمس وعشرين مرة. في الإعلام الإسرائيلي أيضًا، حظي نتنياهو بدعم نسبيّ، خاصّة وأنّ الخطاب كانّ مُصاغًا بشكّل جيّد، ولم يتضمّن تحايلا لا داعي له. ومن الجدير بالذكر، أنّه قد تمّ بثّ الخطاب في إسرائيل متأخرا بخمس دقائق وليس مباشرًا، وذلك نظرًا لقربه من الانتخابات القريبة في إسرائيل، ومن أجل التأكد من أنّه لن يستغلّ المنصّة للدعاية الانتخابية.