• الجانب الإسرائيلي: الإسرائيليون راضون حين يُحبون وهذا ما يمنحه إياهم ترامب. تبدو المشاعر المسيانية تقريبا لدى اليمين الإسرائيلي نحو ترامب مفهومة بعد 8 سنوات من حكم أوباما البارد، وفي ظل الاحترام والحرارة الظاهرَين، ولكنها في الوقت ذاته غريبة عند أخذ الحقائق في عين الاعتبار. فعلى الأغلب سيكون هنالك تجميد هادئ للمستوطنات، فيما عدا في القدس وربما الكتل الاستيطانية. وسيتجسد الاختلاف بين الجانبين، الإسرائيلي والأمريكي، في المعادلة الآتية: ستضطر إسرائيل إلى بذل جهد لعدم إحراج الولايات المتحدة، وبالمقابل، لن تشجب الولايات المتحدة تصريحات البناء كما كان الحال أثناء حدوث عمليات في عهد أوباما. لقد تغيّرت الموسيقى ولكن بقي المحتوى دون تغيير.
• عند إعادة النظر، ندرك أنه إذا كان ترامب جديا فيما يتعلق بإنجاز “صفقة” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فسيكون الرئيس الوحيد منذ الرئيس بيل كلينتون، القادر على إقناع الرأي العام الإسرائيلي باتفاق كهذا.
• نتنياهو: يحافظ على رأي ثابت جدير بالاهتمام، حتى عندما يضطر إلى الاحتفاظ به أمام رئيسيَن أمريكيّين متناقضيّن. فنتنياهو لا يرغب في ضم الضفة الغربية وعيش مليونيّ فلسطيني في إسرائيل، وفق اقتراح الرئيس ريفلين، وفي المقابل، لا يريد “دولة حماس” في الضفة الغربية كما هو الحال في غزة. ما الذي يريده نتنياهو إذن؟ في الحقيقة، يبدو أن الوضع الراهن ليس سيئا أبدا من وجهة نظره. أعتقد أن نتنياهو سيوافق في الحد الأقصى على إجراء تغييرات قليلة نسبيًّا في الوضع الراهن، أو دعم مشاريع اقتصادية كبيرة في السلطة الفلسطينيّة (شريطة أن يدفع آخرون الحِساب). هذا هو كلّ شيء. فمن جهته، كل اقتراح يهدف إلى إحداث تغيير جذريَ في سياسة الوضع الراهن، هو اقتراح غير مسؤول، وسيعمل على دحضه قدر الإمكان.
• الجانب الفلسطيني: منذ انتخاب ترامب رئيسا، يعيش أبو مازن والمقرّبون منه في حالة من الصدمة السياسيّة. فبعد أن اعتادوا طيلة عشرات السنوات على التذمّر من الإدارات الأمريكية الموالية لإسرائيل رغم التعاطف والمساعدة الاقتصادية اللذين حظيا بهما، فهم يعيشون في بيئة جديدة بالنسبة لهم. إن البيئة “الترامبية” غريبة لهم تماما، إذ تقوم العلاقات معهم حتى الساعة بواسطة الدول العربية أو وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) فقط. رغم ذلك، فهم هادئون نسبيّا في ظل الخطوات الدراماتيكيّة مثل التراجع الأمريكيَ عن فكرة الدولتين لشعبين. السبب: إن الخيارات المتاحة لهم محدودة نسبيًّا (ممارسة العنف أو التوجّه إلى مؤسّسات دوليّة، وهما خياران قد يهدمان الجسور مع الإدارة الأمريكيّة الجديدة)، لذلك فهم يفضّلون الانتظار حتى تطوّر الأحداث طالما أن ليس هناك خطوة دراماتيكيّة مثل نقل السفارة إلى القدس. ثمة سبب آخر: المُساعَدة الاقتصادية والأمنيّة الأمريكيّة.
• السعوديون: الموضوع الفلسطينيّ آخر ما يهمهم في هذه الأيام. فقد يجدون أنفسهم يتورطون في حديث ترامب عن “صفقة” بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتلميح إلى مشاركتهم في هذه الجهود رغم أنفهم. فهم عالقون في حروب عديدة: ضد إيران، وفي سوريا، وفي اليمن. لا سيما أن هناك حديث عن عقد قمة عربيّة شاملة قريبا في واشنطن، لفتح صفحة جديدة بعد 8 سنوات صعبة في عهد أوباما. بالمناسبة، السعوديون هم الوحيدون الذين ينافسون الإسرائيليّين في حماسهم من ترامب، أملا منهم في تحقيق وعوده منذ الانتخابات، على رأسها إلغاء الاتفاق مع إيران والتصدّي لسيطرتها الإقليمية. ولكن يبدو أن هذا لن يتحقق:
• روسيا: ترامب غير متوقع كما هو معروف، في مجالات كثيرة ولكن يمكن أن نفترض أمرا واحدا مؤكدا نسبيًّا بالنسبة له، وهو بتعبير لطيف: ترامب يرمي إلى التقارّب من بوتين. ولكن حليفَي بوتين هما إيران، وبشار الأسد. لذا يمكن أن نفترض أن الاتّفاق مع إيران لن يُلغى كما يتمنى السعوديون، وأن ترامب سيكتفي بفرض العقوبات لتهدئة الصقور الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي. يمكن أن نفترض أيضا أن الخطوات الدراماتيكيّة ذات الصلة بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ستُلاءَم مع الروس.