عاصفة جديدة في إسرائيل حول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: ففي مقطع فيديو جديد نشره نتنياهو على صفحته في الفيس بوك يوم الجمعة الفائت (9 أيلول)، هاجم باللغة الإنكليزية مطالبة إسرائيل بإخلاء مستوطناتها في الضفة الغربية، زاعمًا أنّ ذلك يُعتبَر “تطهيرًا عِرقيًّا” لليهود من المنطقة، وفق تعبيره. وقد أثار الفيديو ردود أفعال عاصفة، لا سيّما ردّ وزارة الخارجية الأمريكية. فمنذ نشر الفيديو قبل أقلّ من 48 ساعة، شاهده ما يزيد عن رُبع مليون مُشاهِد، وشاركه نحو 6 آلاف شخص في الفيس بوك.
قال نتنياهو إنّ الشرط المسبق الوحيد للفلسطينيين لإقامة دولتهم هو أن تكون “دون يهود”، وإنّ معنى ذلك الطلب هو تطهير عِرقيّ. وقارن نتنياهو بين ما يقارب مليونَي عربيّ يعيشون كمواطنين في إسرائيل، وبين المستوطنين الذين يقطنون في الضفة الغربية، مصرّحًا أن لا أحد يعتبر العرب في إسرائيل عقبة في طريق السلام، لذا لا يجب النظر إلى المستوطِنين اليهود الذين يعيشون إلى جانب الفلسطينيين في الضفة الغربية كعقبة أمام السلام. وتناول نتنياهو في أقواله هذه النظرة المتداولة في إسرائيل والعالم أنّ المستوطنات الإسرائيلية يجب أن تُفكَّك، والمستوطِنين يجب أن يتمّ إخلاؤهم، عند تأسيس دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في المستقبل.
وسرعان ما أتت الردود، فقد عبّرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، إليزابيث ترودو، عن معارضتها الشديدة لتصريح نتنياهو، قائلةً: “نعتقد أنّ استخدام عبارات من هذا النوع (“تطهير عِرقيّ”) ليس ملائمًا وليس بنّاءً… نشترك في هذه النظرة مع جميع الإدارات الأمريكية السابقة وإجماع المجتمع الدولي أنّ استمرار بناء المستوطَنات يشكّل عقبة في طريق السلام”. وتابعت ترودو داعيةً الجانبَين الإسرائيلي والفلسطيني أن يُظهرا التزامًا بحلّ الدولتَين الذي تدعمه الولايات المتحدة، معبّرةً عن قلقها من استمرار بناء الإسرائيليين في أراضي الضفة الغربية.
كما سارع محلّلون وصحفيون عديدون في إسرائيل إلى تحليل هذه الأقوال، موضحين أنّ الفيديو أثار سخطًا شديدًا في واشنطن، ما يزيد في توتير العلاقات بين البلدَين. وادّعى بعض المحلّلين أنّ نتنياهو أثار هذا الجدَل عمدًا، بهدف تصدُّر عناوين الأخبار، مشتّتًا الانتباه عن التحقيق الذي تُجريه الشرطة معه ومع عائلته. كما أثار الفيديو أصداء في مواقع التواصل الاجتماعيّ، إذ كانت ردود معظم الإسرائيليين غاضبة ومستهزِئة، فيما برّر كثيرون من اليمينيين وداعمي نتنياهو أقواله.
وسارع السياسيون في إسرائيل إلى إدانة هذا التصريح. فقد قالت النائب تسيبي ليفني: “في دماغي مقطع فيديو واحد، نتنياهو يهدم الإنجازات التي حقّقتُها في عهد شارون – أن تكون الكتل الاستيطانية في الضفة جزءًا من إسرائيل، أن لا يكون هناك حقّ عودة، وأن يُقام جدار فصل. إنه يقودنا إلى دولة واحدة غير يهودية وعنيفة”.
كما هاجم النائب أيمن عودة، رئيس القائمة العربيّة المشتركة، بشدّة المقارنة التي أجراها نتنياهو بين المستوطِنين وبين الفلسطينيين المواطِنين في إسرائيل، قائلًا: “يحاول نتنياهو الآن أن يُعيد كتابة التاريخ، إذ يقرّر أنّ المستوطَنات ليست عقبة في طريق السلام، بل يقارن بين أقلية من سكّان البلاد الأصليين الذين يعيشون فيها أبًا عن جدّ، ودولة إسرائيل هي التي أتت إليهم وقامت على حسابهم، وبين المستوطِنين الذين نُقلوا خلافًا للقانون الدولي إلى أرض مُحتَلّة. لكنّ الوقائع لم تكُن همّ نتنياهو يومًا”.