إن وضع حماس الخطير، في ظل منظومة الدفاع الإسرائيلية على الحُدود مع القطاع، يدفع حماس إلى العثور على حلول خارج غزة. فهي تشغّل، من بين نشطاء آخرين، مهندسين وأكاديميين فلسطينيين في العالم لدفع برنامجها لتطوير وسائل قتالية مسيّرة وصواريخ متقدمة قدما. وتعمل في تركيا، إندونيسيا، تونس، لبنان ودول أخرى لتجنيد الأموال والنشطاء، بناء علاقات، وتعزيز قدراتها الهجومية. يشهد اغتيال المهندس فادي البطش في ماليزيا واغتيالات سابقة في العالم على محاولة لإحباط هذه النشاطات.
ماهر صالح هو المسؤول الحمساوي خارج البلاد، وقد أصبح يشغل منصبا هاما في الحركة بسبب قربه من نائب رئيس الحركة، صالح العاروري. يعيش ماهر غالبية الوقت في دول الخليج، ولكنه يتنقل بين الدول التي ينجح في تحقيق دعم اقتصادي وعسكري فيها. في عام 2015، اعتُقل في السعودية بتهمة تنفيذ جرائم تبييض الأموال وتهريبها من الرياض. جمدت وزارة المالية في الولايات المتحدة ممتلكاته وحظرت إجراء صفقات معه. يحاول ماهر في الدول المختلفة التي يزورها تجنيد الأموال لصالح حماس، إقامة علاقات والعثور على عباقرة لدفع مبادرات تساعد في الحرب ضد إسرائيل.
مثلا، نجح ماهر في إندونيسيا في الحصول على أرض خصبة لتشغيل مهندسين وأكاديميين فلسطينيين من مجالات مختلفة لدفع تطوير وسائل قتاليّة من أجل حماس قدما. تعمل عناصر حماس، وفق أوامر من ماهر، على تجنيد الطلاب الجامعيين الفلسطينيين للمشاركة في مشاريع حماس. يكون نشطاء مثل فادي البطش مسؤولين عن المشاريع، التي تكون مرتبطة غالبًا بتطوير وسائل قتالية مسيّرة.
كان ماهر أيضًا مسؤولا عن التحقيق في وفاة القيادي الحمساوي ومهندس الطائرات المسيّرة، محمد الزواري، الذي اغتيل في تونس في شهر كانون الأول 2016.
كما ويعمل ماهر في قطر، ويحاول تجنيد الأموال منها بشكل خاصّ. يتبرع رجال أعمال قطريين بالأموال من أجل حماس، وذلك لأهداف اقتصادية أو بسبب التماهي مع الحركة.
تركيا هي دولة أخرى تنشط فيها حماس. كشف الشاباك مؤخرا عن شبكة في تركيا لتجنيد الأموال يشغلها أتراك وفلسطينيون. كما وأصبحت هذه الدولة في السنوات الأخيرة مركزا هاما لتجنيد نشطاء حماس. تعثر الحركة على عرب – إسرائيليين وفلسطينيين يزورون تركيا بصفتهم رجال أعمال أو سياحا، وتجندهم في صفوفها.
ولكن الوضع في لبنان مختلف إلى حد ما. تدرك المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن قادة حماس الذين وصلوا إلى لبنان في السنوات الأخيرة يسعون إلى إقامة منظومة صواريخ لتشغيلها عند استئناف القتال ضد إسرائيل. إضافة إلى ماهر، يعمل صالح العاروري على تحقيق هذا الهدف، الذي يرأس الخط الموالي الشيعي لحماس ويدفع تعزيز العلاقات مع إيران قدما. الهدف هو أن تعزز حماس جبهة أخرى ضد الجيش الإسرائيلي عند استئناف القتال.
ولكن في لبنان، كسائر الدول الأخرى التي تنشط فيها حماس، جرت اغتيالات، أو محاولات اغتيال. في شهر كانون الثاني، اتهم الأمين العام لحزب الله إسرائيل بمسؤولية محاولة اغتيال الناشط الحمساوي، محمد حمدان، في صيدا. تشهد خارطة اغتيال قادة حماس في العالم في الوقت الذي تسعى فيه الحركة إلى العثور على طرق للتقدم خارج قطاع غزة أن هناك من يحاول إحباط نشاطاتها.
نُشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس”