قبل أقل من أسبوعين بقليل، أنهت “ي”، وهي شابة في الثانية والعشرين من عمرها، دورة طيران، وأصبحت رسميّا قائدة طائرة حربية في الجيش الإسرائيلي. أنهت معها الدورة 3 نساء، و 26 رجلا.
يمكن للنساء في إسرائيل المشاركة في دورة الطيران العسكرية بدءًا من العام 1996، بعد أن توجّهت أليس ميلر، شابة تملك رخصة طيران مدني ولقبًا في علم الطيران، إلى المحكمة العُليا وغيرت القواعد. لم تنجح أليس في إنهاء الدورة، وكانت قائدة الطائرة الحربية الأولى شابة اسمها روني تسوكرمان، والتي أنهت دورة الطيران العسكري عام 2001. منذ ذلك الحين تأهلت في الجيش الإسرائيلي نحو 50 امرأة بنجاح كقائدات طائرات أو ملاحات.
في محادثة مع “ي”، حاولنا أن نفهم التحديات، المعاني، والخصوصية في أن تكون امرأة تنهي دورة الطيران وتصبح قائدة طائرة حربية في الجيش الإسرائيلي:
حدثيني عن مسار التدريب:
إنه تدريب مدته 3 سنوات. في البداية يتعلم الملتحقون أن يكونوا مقاتلين عاديين، من دون علاقة بالطيران، ويجتازون دورة ضباط. بعد ذلك يجتازون تدريبا جويا، ويحصلون على لقب أكاديمي. هناك الكثير من إمكانيات الاختيار، أنا حاملة لقب في الرياضيات وعلوم الحاسوب. فقط بعد أن ننهي اللقب نبدأ بالطيران الفعلي، إذ نبدأ برحلات طيران تنفيذية. نقوم بتخيّل كل المشاكل التي يمكن مصادفتها، كل ما يمكن أن يحصل خطأ، وطرق المواجهة.
“الشعور في الجو رائع. في اللحظة التي نبدأ بها، يبدأ العقل بالعمل بسرعة جنونية بشكل فوري، ويفكر بالكثير من الأشياء في وقت واحد. كل شيء حادّ جدّا. لم أشعر هكذا في أي شيء في الحياة”
إذا، متى في الواقع كانت الرحلة الجوية الأولى؟
في السنة الثالثة
هل شعرتِ باختلاف في الدورة باعتبارك امرأة؟ هل كان هناك فرق بين النساء والرجال؟ هل كانت لديكنّ تسهيلات؟
الفارق الوحيد هو في الوزن الذي يمكن للنساء أن تحمله، فهو أقلّ من الوزن الذي يحمله الرجال بسبب الاختلافات الفسيولوجية. يدعى ذلك “شريط الجهود”، الذي يختلف بين النساء والرجال. سوى ذلك فلا فرق إطلاقا. ليس في المهامّ، الوظائف، ولا في العلاقة مع أعضاء الدورة أو مع القادة. شعرت أنّني أقوم بكل شيء، وأنّه لا فرق بين الدورة التي مررت بها وبين كل واحد من الشبان الذين أنهوا معي.
هل كانت بين الفتيات في الدورة علاقة خاصة، من نوع “أخوة نسائية”؟
في الحقيقة فإنّ بقية الفتيات في الدورة كنّ بالنسبة لي كأي شخص آخر من الأصدقاء. بل كان الأصدقاء الأفضل لدي في الدورة تحديدا من الشباب. والفتيات أيضا، بطبيعة الحال، ولكن بدرجة أقل. تواصلت مع الناس بحسب صفاتهم ومجالات الاهتمام، بغضّ النظر عن الجنس.
هل كان هناك تعامل مختلف مع موضوع الأسر؟ كانت في الماضي أسطورة في إسرائيل أنّه لا يمكن للنساء المشاركة في دورة الطيران بسبب الخوف من أنهنّ إذا سقطن في الأسر فسيكون أصعب عليهنّ
كما قلت هذه أسطورة، وليست صحيحة أبدا. الأسر هو موضوع مهم وصعب، ويتم الحديث عنه في الدورة بالطبع، ولكن اجتاز الجميع ذات التدريب بخصوصه. لم تكن هناك تشديدات خاصة للنساء، أو شيء من هذا القبيل.
هل تخافين من إمكانية وقوعك في الأسر؟
إنه احتمال يدور الحديث عنه بيننا، ولكنه لا يردعني ولا نفكر به أكثر من اللازم. نحن مقاتلون. هذه هي مهمتنا.. جئنا كي نقاتل ونخدم الدولة، وسنقوم بكل ما يترتب على ذلك.
وكم من الوقت عليك أن تبقي في الجيش؟
بقيت 7 سنوات، على الأقل
وهذا لا يُشعِرُكِ أنّك “تضيّعين” السنين الجميلة من حياتك في الجيش؟
لا أعتقد أن هذا تضييع للوقت. بل العكس. أنا أساهم مساهمة كبيرة جدا، وحظيت بهذه المساهمة لحسن حظي. هذا لا يمنعني من القيام بأمور أخرى، يمكنني أن أقوم بكل ما أرغب في الوقت ذاته، بما في ذلك إقامة أسرة وإنجاب الأطفال لو أردت. أعتقد أنّني سأتمكن من التعامل مع ما يجب. كل شخص يختار العمل الملائم له في الحياة، وهذا في نظري “عمل” خاص مع قيمة مضافة، أقوم به وأشعر شعورا كبيرا جدا من المُهمة.
وما هي ردود الفعل من حولك؟ الأسرة، الأصدقاء؟
يدعمني الجميع كثيرا وهم متحمّسون. إنه إنجاز كبير جدا. ولكن هناك أيضًا ردود فعل من الخوف والقلق، لأنّ يدور الحديث عن مهمة قتالية جدا.
وكيف تشعرين عندما تخرجين في رحلة جوية؟
الشعور رائع. في اللحظة التي نبدأ بها، يبدأ العقل بالعمل بسرعة جنونية بشكل فوري، ويفكر بالكثير من الأشياء في وقت واحد. كل شيء حادّ جدّا. لم أشعر هكذا في أي شيء في الحياة، إنه شعور رائع.
هل شعرت بلحظات يأس في الدورة، وظننت أنّك لن تنجحي في إنهائها؟
تسود لحظات من الشعور بالصعوبة. واجهت حالات لم أفكر أنها ستحدث. ولكن ككل شيء في الحياة نمرّ بذلك خطوة تلو الأخرى، في كل مرة نجتاز عقبة أخرى صغيرة، وفي النهاية ننجح.