تزداد الأزمة الاقتصادية شدة على ضوء الصعوبات في دفع الأجور لموظفي السلطة الفلسطينية وموظفي سلطة حماس في قطاع غزة. يعدو سبب تأخير الدفع لموظفي السلطة، وبينهم عشرات آلاف النشطاء للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، إلى القرار الإسرائيلي بوقف تحويل أموال الضرائب التي تمت جبايتها من أجل السلطة، كخطوة عقابية لتوجه السلطة نحو الانضمام للمواثيق الدولية وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
يرتبط تأخير دفع الأجور لرجال حماس في القطاع بالخلاف المستمر بين حماس والسلطة، والتي تحول دون تحويل الأموال للتنظيم وعملية الإعمار في القطاع. إن المنظومة الأمنية الإسرائيلية قلقة بالأساس من التوتر الذي يتصاعد في القطاع. ورغم أنه في هذا الموضوع ليس هناك احتكاك مباشر بين حماس وإسرائيل، فيُخشى أن يؤدي استمرار الضائقة الاقتصادية الشديدة في غزة إلى انهيار وقف إطلاق النار الذي أحرِز بعد الحرب في الصيف، وأن يؤدي إلى حالات من إطلاق النار على طول الحدود.
اتُّخذ قرار حكومة نتنياهو في بداية الشهر بخصوص تجميد أموال الضرائب على الرغم من تحذيرات الأجهزة الأمنية في إسرائيل أنه يُخشى أن تؤدي الخطوة إلى إضرار بالتنسيق الأمني وإلى عدم استقرار آخر في الضفة. لقد تولد الانطباع أن السلطة تساهم في تدهور الوضع وأن رئيس السلطة، محمود عباس (أبو مازن)، يختار الآن توجهه “المواجهة” ضد إسرائيل. يمكن ألا يكون التوجه للانضمام للميثاق الدولي الخطوة الأخيرة التي ستتخذها السلطة بقيادة عباس في الأشهر القادمة، مع زيادة المخاطرة برفع التوتر مع إسرائيل.
فيما يخص القطاع، أوصلت حماس مؤخرا لإسرائيل عدة رسائل مفادها أنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية، فإنها غير معنية بصدام عسكري إضافي بعد الحرب في الصيف ويعمل أفرادها على لجم الألوية الأكثر تطرفا، التي تطالب بإطلاق قذائف إلى النقب. تتهم حماس السلطة بعرقلة مقصودة لإعمار القطاع، ومن بين ذلك رفضها نشر رجالها الأمنيين على المعابر الحدودية مع إسرائيل ومصر، وهي خطوة يمكنها أن تتيح تشغيل المعابر على نطاق أوسع.
خلال ذلك، نشرت حماس قبل نحو أسبوعَين ممثلين لها قريبا من معبر إيرز، المعبر الوحيد الذي يمكن فيه تنقّل المتنقّلين بين إسرائيل والضفة. يقف رجال حماس قريبا من المحطة التي تشغلها السلطة قرب المعبر، والتي تدار عن طريقها كل الاتّصالات بين القطاع وإسرائيل منذ استيلاء حماس على القطاع في 2007. بعد حضور عناصر حماس الجديد في المعبر، تركه موظفو السلطة. بعد خلاف دام أياما، عاد موظفو السلطة للمكان وعاد معبر إيرز يعمل كالمعتاد. لكن التوتر بين السلطة وحماس بهذا الخصوص يمكن أن يشوش عمل المعبر الجاري، لأن إسرائيل ترفض إجراء اتصال مباشر مع حماس.
لقد أدى عدم دفع الأجور في القطاع إلى مظاهرات عنيفة، فجر خلالها مواطنون أجهزة مصارف آلية وأضروا بفروع مصرفية في أرجاء القطاع، رغبةً -على ما يظهر- بمنع تحويل الأموال من السلطة إلى موظفيها في القطاع. وقعت أحداث أخرى من العنف في القطاع حتى قبل اندلاع الحرب مع إسرائيل، ودلت على تدهور شديد قبل أن يبدأ تبادل إطلاق النار.
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس“