سيضطر غادي إيزنكوت، الذي تولى اليوم منصب رئيس الأركان، إلى التعامل مع الحدود الشمالية المتوترة في شمال إسرائيل أمام حزب الله والأسد، تهديد حماس في الجنوب في قطاع غزة، وانهيار السيطرة الأمنية والاقتصادية للسلطة الفلسطينية.
عندما خرج رئيس الأركان الجديد، من بيته في هرتسليا واتخذ طريقه حتى المجمع في تل أبيب للطابق 14، لا شك أنه تطلع إلى الخلف وتذكر مراحل حياته في الجيش، الهيئة التي يخدم فيها منذ أكثر من 35 سنة. يتُوقع حتى ساعات المساء أن يدخل إلى مكتب رئيس الأركان كضابط جيش الدفاع الإسرائيلي. بعد المراسم والتهاني، تمنى إيزنكوت أن يتولى قيادة المؤسسة الكبرى في إسرائيل، المسؤولة عن أمن الدولة ومواطنيها، وعلى أكتافه ليست فقط مرتبة اللواء، بل أيضا المسؤولية الثقيلة والمهمات غير السهلة. ما هي التحديات التي ستواجه رئيس الأركان الذي تولى منصبة للتوّ؟
سيضطر القائد الجديد من ضمن معاملته أن يتعامل مع تنظيمات، تختلف عما تعامل معه من سبقه، في تعاملهم مع دول أخرى. تتحدى هذه التنظيمات اليوم الجيش الإسرائيلي كي يخترق مناطق ساخنة- وهذه مناطقها الآمنة، والتي تكون فيها على أفضل استعداد. كذلك، بعد عملية “الجرف الصامد” سيضطر إيزنكوت إلى تحضير الجيش للانتصار في حروب بفترات زمنية متقاربة- وهو تحد غير سهل لكنه إجباري في ظل تعاظم التهديدات على دولة إسرائيل.
تهديد أمام الجبهات
تنتظر إيزنكوت (54) على الطاولة تقديرات أوضاع استخبارية تتضمن تهديدات من كل الجبهات. في الجنوب، حماس تم ردعها لكنها في وضع عسير. شارع غاضب، غير معمّر، ولا يرى الأفق. التوتر في المنطقة عال جدا. ما زالت حماس تمتلك مخزون أسلحة، قصيرة المدى في غالبها، التي تهدد الجنوب، وهي جاهزة للاستعمال في الفترة القريبة. إنه ميدان غير سهل وإيزنكوت يدرك ذلك، مثل سابقه في المنصب، إذ أن للسياسة القسط الأكبر في كيفية وتوقيت فتح جبهة جنوبية أخرى. يعرف إيزنكوت أيضا أن عملية “الجرف الصامد”، بكل فعاليتها، لم تردع حماس كحرب لبنان الثانية التي ردعت قائد حزب الله حسن نصر الله.
يعرف إيزنكوت الجبهة الشمالية جيدا. تعرف خلال السنوات الخمس عندما شغل منصب قيادة الشمال بعد حرب لبنان الثانية (حرب تموز) على الجبهة. لكن بعد عملية “الجرف الصامد” وبعد أن دخل حزب الله وتعمق في الوحل السوري، طُلب من رئيس الأركان تجهيز الجيش لمواجهة عنيفة، لكنها ربما كانت الأصعب من بين كل المواجهات التي عرفتها إسرائيل في الفترة الأخيرة.
إن اندلعت حرب لبنان الثالثة يُتوقع لها أن تكون صعبة جدا لكل الأطراف، وحتى على الجبهة الداخلية، حيث يحاولون أن يترجموا النجاح الكبير في الاستعداد للمواجهة الجنوبية إلى الجبهة الشمالية أيضًا. مع ذلك، يُخشى من الآن أن تكون المعركة القادمة غير سهلة. ما حدث مؤخرا في الشمال، أثبت للمنظومة الأمنية وللمستوى السياسي كم هي جاهزية نصر الله للمواجهة القادمة، بينما لديه سيطرة جيدة على الميدان، حتى على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وهو يقوي سيطرته على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
المواجهة أمام الفلسطينيين في الضفة
يكمن أحد التحديات الكبرى لرئيس الأركان الجديد في جبهة الضفة الغربية، مع السلطة الفلسطينية، المنهارة تماما تقريبا، وفي الضغوط الكبيرة التي تسببها حماس على الجبهة، حيث يتم تحويل الكثير من الأموال وبناية الأرضية لها. لقد زاد تجميد الأموال من التوتر في المنطقة. في هذه الفترة يقتلع الفلسطينيون الصرافات الآلية من مكانها، برعاية الشرطة الفلسطينية، ويسلبون كل شيء فيه أموال نقدية كي يعيشوا. أصبح أبو مازن إلى غير ذي أهمية، ويوجّه إليه نقد عارم، ويتربص ورثاؤه له في الزاوية.
الحرب في مواجهة داعش
سيضطر رئيس الأركان في الجبهة المصرية إلى الاستمرار في التعاون الأمني، الذي يبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى. ينتظره تنظيمان على الحدود- داعش والقاعدة. نعم إن مصر حقا تحاربهما وتقوي الأمن، لكن لا يمنع ذلك أن تشغّل الحدود المصرية الجيش الإسرائيلي في السنوات المقبلة.
لقد أدى الانقلاب المصري في أعقاب أحداث “الربيع العربي” إلى أضرار كبيرة، وقد أصلح الانقلاب التالي الأمر قليلا. الإخوان المسلمون، الذين يشكلون خطرا وجوديا، هم المسؤولون الأساسيون عن تسليح حماس عشية عملية “الجرف الصامد”. نجح رئيس مصر، الجنرال عبد الفتاح السيسي، في تعديل المنطقة، ويحاول الجيش المصري أن يفرض سيادته على سيناء، لكن الهدوء على ما يبدو لن يحل قريبا.
مشاكل داخلية تنظيمية
في السنتين الأخيرتين، خدم غادي إيزنكوت كنائب رئيس الأركان. لم تُسجّل في منصبه كنائب رئيس الأركان على اسمه أية إنجازات. تم تقليص التدريبات، زادت التحديات، ولم تزدد الميزانية كما ينبغي. لقد حصل 4,000 عامل ثابت على مكتوب إقالة، و 2,000 منهم يسجلون في مكتب العمل.
من نجح في تقدمة رفاهيتهم في هذه الفترة هم المجندون الإلزاميون، الذين ارتفع أجرهم مؤخرا بحوالي 25 %.