من الصَّعب تمييز جو انتخابات في شوارع تل أبيب يافا. فرئيس البلدية الحالي رون حولدائي لم يطُف في الأسابيع الماضية على الحلقات البيتيّة، كما لم يتنقّل بين مناسبة علنيّة وأخرى، أو يتّصل بالناخبين، أو يخرج في جولات ميدانية للقاء المواطنين وتشجيع مناصريه. على العكس، فهو يحاول مواصلة أعماله كالمعتاد. فبعد 15 عامًا في رئاسة بلدية تل أبيب، حولدائي على قناعة أنّ طريقه إلى ولاية رابعة مفتوحة، وأن لا أحد بوسعه منعه من قضاء خمس سنوات إضافية في الطابق الثاني عشر لمبنى البلدية. بالنسبة له، السؤال الوحيد هو ما هو الفارق الذي سيتفوق به هذه المرة على مرشح حزب اليسار ميرتس، النائب نيتسان هوروفيتس.
بالمقابل، يسعى نيتسان هوروفيتس إلى الإيضاح أنّ نتائج الانتخابات لم تُحسَم بعد. فهو يقوم بجولات ميدانيّة من الصباح حتّى المساء، يلتقي بالسكّان، يشارك في تظاهرات، وينشر أفكاره في مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا. يبذل عضو الكنيست ومرشَّح ميرتس لرئاسة البلدية قصارى جهده لإيقاظ المعركة الانتخابية من الغيبوبة التي تحلّ عليها. في شوارع المدينة، يروي رجاله، يحظى هوروفيتس بمحبة كبيرة. رغم ذلك، يعترف أنصاره، ليس في تل أبيب جوّ انتخابات حقيقية.
من الصعب جدًّا في إسرائيل الترشّح ضدّ رئيس سلطة محليّة، فالفوز في معركة كهذه شبه مستحيل. في استطلاع أجري لصالح حزب العمل، حزب رئيس البلدية رون حولدائي، نُشرت نتائجه قبل نحو ثلاثة أشهر وُجد أنّ حولدائي يُتوقَّع أن يحظى بـ 53% من الأصوات مقابل 26% للنائب نيتسان هوروفيتس.
لكنّ هوروفيتس لا يستسلم. فهو يوجّه حملته إلى المحبطين من حولدائي تحديدًا. ففي برنامج مفصّل ومن على كلّ منبر ممكن، يعد بزيادة الإسكان المتوفر للجميع على حساب الأبراج، زيادة الاستثمار في الأحياء الجنوبية بشكل ملحوظ، العمل في الكنيست والحكومة على إيجاد حلول للمهاجرين من إفريقيا، بناء صفوف جديدة لرياض الأطفال والمدارس لتخفيف الكثافة وتسريع إقامة شبكة حافلات حديثة وحلول نقل متقدّمة.
أمّا في برنامج انتخابات حولدائي فلن تجِدوا وعودًا وبرامج. “رسالة رون هي: (أنا رئيس بلدية منذ 15 عامًا، إذا أحببتم ما تروني صوِّتوا لي. ليست لديّ وعود انتخابية)”. يفتخر حولدائي بشكل خاصّ بسرعة التطوير في المدينة، بناء الأبراج، ربحيّة الاستثمار الأجنبي المتدفق مؤخرًا إلى المدينة في الأعمال والسكن، إنجازات الجهاز التربوي والثقافي، والإنجازات في مجال النقل العامّ الأكثر توفّرًا للسكّان.
ويتراكم عدد من الشكاوى على طاولة حولدائي: غلاء المعيشة، ضائقة السكن، الوضع السيء للأحياء الجنوبية لتل أبيب يافا، ومسألة اللاجئين ومهاجري العمل غير الشرعيين من إفريقيا المقيمين فيها. يصدّ حولدائي الهجمات ضدّه، ويوضح أنّه ما من رئيس بلدية في إسرائيل بإمكانه التأثير في أسعار السكن. كذلك في مسألة الأجانب، يوجّه حولدائي إصبع الاتّهام إلى الحكومة موضحًا أنّ البلدية تبذل قصارى جهدها لتخفيف الضائقة في الأحياء الجنوبية.
في انتخابات 2008، كانت نسبة الاقتراع في المدينة منخفضة – فقد صوّت 35.5% فقط من ذوي حقّ الاقتراع. ولا يجري توقّع تغيير ملحوظ في نسبة الاقتراع في الانتخابات القادمة في المنظومة السياسيّة المحليّة. والسؤال هو لصالح مَن ستكون نسبة الاقتراع المنخفضة. في مقرّ حولدائي، يجري التحذير من عدم اكتراث المناصرين. بالمقابل، يسعى مناصرو هوروفيتس إلى إقناع الداعمين المحتمَلين بأنّ نسبة الاقتراع المنخفضة واللامبالاة في الجانب الآخر ترفعان نسبة حدوث انقلاب.
ويُقدَّر في مقرّ هوروفيتس أنه سيحرز نجاحًا وسط المدينة، حيث معظم السكان شبّان. لكن من أجل تحقيق النصر، سيكون عليه أن يحظى بدعم واسع أيضًا في الأحياء الميسورة في شمال تل أبيب، معقل القوة الأساسي لحولدائي.