إن السهولة المفرطة التي استطاع بها هؤلاء الفلسطينيون الوصول من بيوتهم أو مكان إقامتهم في أرجاء الدولة، إلى أهدافهم حيث نفذوا عمليات دهس أو طعن، لم تفاجئ الجهاز الأمني الإسرائيلي.
وفقًا للبيانات التي نشرها جهاز الأمن العام (الشاباك)، فإن الحديث يدور عن عدد من الطرق التي يعبرها هؤلاء الفلسطينيون غير الشرعيين بشكل منتظم، فكل شهر يدخل ما يقارب 30 ألف مقيم فلسطيني غير قانوني من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل، مستغلين إزالة بعض الحواجز خلال السنوات الأخيرة.
إن تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي حافل بالعديد من الأحداث حيث يستغل شبان فلسطينيون، في الغالب هم مقيمون غير قانونيين يسكنون في مدن إسرائيل، الفجوات الموجودة في الجدار أو مجرد إقامتهم في إسرائيل، لتنفيذ عمليات طعن أو دهس، وخصوصًا بعد موجات الصراع والعنف بين إسرائيل وغزة أو بين إسرائيل ومدن الضفة الغربية.
من المهم أن نلاحظ أن الحديث لا يدور عن ظاهرة واسعة الانتشار. يعبر أشخاص قليلون الجدار الفاصل دون تصاريح الدخول التي تسمح لهم بالإقامة في إسرائيل، ويقررون من تلقاء أنفسهم بأن ينتقموا لأجل الضحايا في غزة نتيجة الحروب بين إسرائيل وغزة.
لماذا يصل مقيمون غير قانونيين إلى إسرائيل؟
يأتي هؤلاء المقيمون غير الشرعيين إلى إسرائيل من أجل كسب الرزق. لا يحتاج الفلسطينيون لجوازات سفر للدخول إلى دولة إسرائيل، فتكفيهم التصاريح التي يمنحها لهم الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الفلسطينية. تحدد أحيانًا في هذه التصاريح الأماكن المسموح دخولها، وفي أحيان أخرى يُسمح لهم بالدخول لكل الأماكن في إسرائيل. ويذكر فيها سبب الإقامة: العمل، الاحتياجات الطبية أو الاحتياجات الشخصية.
أحد الأسباب الأساسية التي تسمح بدخول آلاف الفلسطينيين إلى إسرائيل هي اقتصادية: يحصل عامل البناء الفلسطيني في إسرائيل على ما يقارب 200-300 شاقل (51-76 دولار) مقابل يوم عمل. بينما في الضفة الغربية سيكون دخله مائة شاقل يوميًا، في حال وجد عملًا.
الأسباب الرئيسية للحد من الدخول إلى إسرائيل
بسبب التواصل الجغرافي القائم بين إسرائيل ومدن الضفة الغربية فإن تسلل أو دخول الفلسطينيين غير القانوني إلى إسرائيل يعتبر سهلا وأكثر انتشارا من باقي الدول. يصعب التسلل في المناطق التي أقيم فيها الجدار الفاصل. ويقدّر عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل دون تصريح في عام 2009 من قبل مسؤولي وزارة الدفاع ما بين 20 ألف وحتى 50 ألف تقريبا.
تحد إسرائيل من دخول الفلسطينيين رغبةً في منع تنفيذ العمليات الإرهابية، والتقليل من ارتكاب جرائم جنائية كسرقة السيارات، وأيضًا لأسباب تتعلق بسوق العمل في إسرائيل. في مكافحة ظاهرة الإقامة غير القانونية، تم في عام 1996، سن قانون الإقامة غير الشرعية، والذي يحظر تشغيل، ونقل فلسطينيين غير شرعيين. تم سن القانون كإجراء مؤقت، ويتم تمديده كل سنة أو سنتين، حتى تتمكن الكنيست من تحديد شرعيته وتغيير بعض بنوده.
تثير ظاهرة الإقامة غير الشرعية قلق جهاز الأمن، وذلك لأنها تشكل خطرًا أمنيًا عاليًّا، حيث توفر ميزة واضحة لمخططي التفجيرات في المنظمات الإرهابية، مثل الجهاد الإسلامي أو حماس. معرفتهم الجيدة لإسرائيل، قدرتهم على الاندماج في البيئة المحلية وعلاقاتهم مع المهربين والسائقين، كل هذا زاد بشكل واضح من احتمال نجاح عمليات الإرهاب في إسرائيل.
أمنيًّا، لا يمكننا أن ننكر حقيقة أنه ومنذ بناء الجدار الفاصل قلت العمليات الانتحارية في إسرائيل بشكل ملحوظ. لا شك أن الجدار ساهم في ذلك، لكن هنالك عوامل أخرى: التعاون الوثيق ما بين جهاز الأمن الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية.
يمكننا أن نعتبر المقيمين الفلسطينيين كأرض خصبة لتجنيدهم لعمليات معادية ضد أهداف إسرائيلية، ولكن إحصائيًا تم تنفيذ معظم التفجيرات في إسرائيل عن طريق منظمات إرهابية كبرى بعد الإعداد والتخطيط. على المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن تعالج ظاهرة انتفاضة الأفراد حيث يقرر شبان فلسطينيون من تلقاء أنفسهم تفجير أهداف إسرائيلية.