زرت خلال ثلاثين عاما دولا كثيرة. في سن 22 عاما زرت أمريكا الجنوبية وأنا أحمل حقيبة على ظهري وأتنقل من دولة إلى أخرى. وتعلمت الإنجليزية والتقيت أشخاصا كثيرين، وتعرفت إلى ثقافات لم أعرفها سابقا. وزرت خمس دول أوروبية على الأقل، وقضيت وقتا طويلا نسبيا في الهند. وتعلمت في فيتنام للمرة الأولى عن الحرب من السكان المحليين، ودُهشت عند معرفة مدى التنوّع في الدولة والتطوّر، وتعلمت في كمبوديا، القريبة من الهند عن ثقافة قديمة لم أسمع عليها في الماضي.
ولكن بما أنني أهتم جدا بمعرفة الكثير عن الدول الإسلامية، وأعرف اللغة العربية جيدا، الثقافة والعادات والتقاليد العربية، أحلم بأن أتنزه بحرية في الدول العربيّة. وأن أزور النوادي العصرية والنوادي البديلة في بيروت، وأن أنزل في فنادق فاخرة في المدن الساحلية في دول الخليج، لا سيّما أن أتعرف إلى أشخاص جدد، أتحدث معهم، وأتعلم عن حياتهم، وأتعرف إليهم جيدا. ولكن لمزيد الأسف، لست قادرة على تحقيق طموحاتي.
أنا غير قادرة على دخول معظم الدول الإسلامية لأني أحمل جواز سفر إسرائيليا، ولأنه ما زالت تسود كراهية تجاه الإسرائيليين في دول يمكنهم دخولها مثل الأردن ومصر اللتين وقعت إسرائيل على اتفاقية سلام معهما، وقد تشكل الزيارة خطرا على الإسرائيليين، لا سيما على النساء الإسرائيليات، اللواتي قد يتعرضن لخطر إذا تنزهن دون مرشد أو مرافق محلي.
ويبدو أن لهذا السبب لم أزر المغرب أيضا.
ويُعد المغرب دولة إسلامية يُسمح للسيّاح الإسرائيليين بزيارتها بسهولة نسبيا. فطيلة سنوات تزور مجموعات إسرائيلية المغرب، وتتنزه فيه بأمان وبسهولة دون التعرّض لكراهية السكان المحليين.
ومع ذلك، لا يمكن التنزه في المغرب بحرية. تزور المغرب مجموعات مع مرشد فقط، وهناك شك إذا كان السائح الإسرائيلي سينجح في التجوّل في الدولة دون مرافقة مرشد. لهذا فإن زيارة المغرب بمرافقة مرشد ضرورية ولكن تصعب هذه الحقيقة التنزه بحرية والوصول بسهولة إلى السكان المحليين.
وحلمي أن أزور المغرب زيارة عشوائية غير مخطط لها، ودون جدول مواعيد محدد، أي أن تكون زيارة حرة تماما. وأتمنى من صميم قلبي أن أتعرف إلى المغاربة، أزور منازلهم، وأن أسافر إلى الأماكن التي يوصي بها السكان المحليين.
وأتشوق إلى التنزه في شوارع المغرب وسوقها المشهور في مراكش دون أن أتلقى تعليمات من المرشد حول الحوانيت الشعبية والمطاعم المعدّة للسيّاح. وأريد أن أتناول الكسكس في مطعم مغربي عائلي تقليدي بين أحضان العمال المحليين.
وأرغب في الالتقاء بالشبان المغاربة والتعرّف إلى النوادي الشعبية، والأماكن التي يمكن الحصول فيها على الكحول رغم أن تناولها محظور، وأن أزور المقاهي المشهورة.
وكم أتوق إلى أن أستأجر شقة بسيطة في إحدى المدن الساحلية المغربية الجميلة، وأعيش الأجواء المحلية لبضعة أيام، وأشتري في السوق المحلي المكوّنات الأساسية للوجبات المحلية التي أتعلمها من جيراني المحليين.
وأتمنى أن أزور المغرب مع والدتي التي وُلِد جميع أفراد عائلتها فيها. لقد وُلِدت جدتي في سلا، وهي قرية صغيرة قريبة من العاصمة الرباط، ووُلد جدي في الصويرة القريبة من المحيط الأطلسي. عندما زارت والدتي المغرب (في رحلة مع مجموعة كبيرة من الإسرائيليين) وجدت في المقبرة الكبيرة في الصويرة قبر جدها وأعمامها، وذلك بعد أن حصلت على مساعدة حارس مسلم عجوز يعمل في المقبرة. بسبب التقييدات التي تفرضها الرحلات المنظمة، لم يكن في وسع والدتي أن تزور المقبرة وقتا طويلا أو أن تتابع كلامها مع الحارس العجوز. وكم بالحري، أن تزور الحيّ اليهودي (الملاح) في الصويرة والتحدث مع السكان المحليين الذين ربما يتذكرون جيرانهم اليهود الذين غادروا منذ زمن.
وأرجو من الله أن أزور المغرب بحرية، دون أن أخفي هويتي اليهودية الإسرائيلية، أتعرف إلى أصدقاء جدد، وأن أكون قادرة على دعوتهم لزيارتي في إسرائيل واستضافتهم في منزلي.
آمل أن يتحقق حلمي هذا.