دفع قتل الرهينة البريطاني ديفيد هينز بلاده الى مقدم الدول الراغبة في القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية، لكن مشاركة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تبدو حتى الان حذرة وتدريجية وحتى ملتبسة، وخصوصا بعد رفض مجلس العموم العام الفائت مشروعا لتوجيه ضربات عسكرية في سوريا.
كانت الصدمة واضحة على كاميرون حين تحدث صباح الاحد امام الكاميرات تعليقا على قتل عامل الاغاثة الاسكتلندي ديفيد هينز الذي خطف في سوريا في اذار/مارس 2013.
وقال رئيس الوزراء المحافظ “سنطارد المسؤولين ونحيلهم امام القضاء مهما تطلب ذلك من وقت”.
ورغم اعلان كاميرون استعداده ل”اتخاذ اي تدابير ضرورية جديدة” ضد المتطرفين، فانه لم يعلن اي شيء ملموس مكتفيا باستعادة عبارات مكررة عن الالتزام البريطاني ضد “الدولة الاسلامية”.
واضاف ان “الولايات المتحدة تقوم بعمل عسكري مباشر. نحن ندعمها. لقد شاركت (مقاتلات) تورنايدو بريطانية وطائرات استطلاع. ولكن من غير الوارد نشر قوات مقاتلة على الارض”.
وتابع بحذر “لن نتحرك في شكل منفرد. سنعمل الى جانب حلفائنا، ليس فقط في الولايات المتحدة واوروبا بل ايضا في المنطقة”.
واعلنت لندن حتى الان ارسال مدافع رشاشة ثقيلة وذخائر للقوات الكردية العراقية التي تتصدى للمقاتلين المتطرفين. ووزعت ايضا في العراق مساعدة انسانية واسلحة مصدرها دول اخرى.
ويعكس احجام لندن عن التدخل مخاوفها من الغرق في مستنقع جديد ومن تداعيات التدخلات العسكرية الاخيرة.
ومنذ توليه الحكم في 2010، اعلن كاميرون انسحاب القوات البريطانية، ثاني اكبر قوة عسكرية بعد الولايات المتحدة، من افغانستان.
ولا يزال احد اسلافه العماليين توني بلير يتعرض لانتقاد شديد لوقوفه الى جانب الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في حرب العراق رغم مرور عشرة اعوام على ذلك.
وهناك ايضا موضوع الضربات الجوية الذي صدرت اخيرا مؤشرات بريطانية متناقضة في شانه.
فقد سارع وزير الخارجية فيليب هاموند اولا الى اغلاق الباب على اي ضربات عسكرية مشتركة مع الاميركيين، قبل ان ترد عليه رئاسة الوزراء ضمنيا معلنة انها “لا تستبعد شيئا”.
والسؤال: هل يعكس هذا الموقف الملتبس ترددا بعد الصفعة التي وجهها النواب البريطانيون العام الفائت الى كاميرون برفضهم تاييد مشروعه لشن ضربات جوية في سوريا؟
ما يبدو مؤكدا الان ان على كاميرون ان يقنع الجميع بانه قادر مجددا على الاضطلاع بدور “القائد الحربي”، كما جرى ابان التدخل الجوي الفرنسي البريطاني ضد نظام معمر القذافي في ليبيا العام 2011.
ويزيد من حراجة موقفه ان قسما من مستقبله السياسي سيكون على المحك الخميس المقبل مع الاستفتاء على استقلال اسكتلندا على وقع ارتفاع نسبة مؤيدي الانفصال، علما بان انتخابات عامة تنتظره في ايار/مايو المقبل.
لكن القائد السابق للجيش البريطاني اللورد دانات اكد ان الوقت ليس للتردد وقال لشبكة سكاي نيوز “علينا القيام بما هو ضروري والا فقد نندم على ذلك”.
بدوره، ايد مساعد وزير الدولة البريطاني السابق للامن ومكافحة الارهاب اللورد وست اوف سبتهيد شن غارات جوية، معتبرا ان خطر سقوط ضحايا مدنيين “يكاد لا يذكر” مقارنة ب”همجية” الدولة الاسلامية.
في المقابل، دعا المسؤول السابق في الاستخبارات فرانك لدويدج الحكومة البريطانية الى تقييم متأن للايجابيات والسلبيات، معتبرا ان هدف الدولة الاسلامية هو “الاحتفاظ بما استولت عليه، وليس من سبيل افضل لذلك سوى تجنيد من لا يطلبون اكثر من القتال ضد تدخل غربي جديد من بين ملايين الاشخاص الذين يعيشون في هذه المنطقة”.
وتقول لندن ان اكثر من 500 بريطاني انضموا الى صفوف المتطرفين في سوريا والعراق، مؤكدة انهم تهديد مزدوج سواء في صفوف الدولة الاسلامية او لدى عودتهم الى بريطانيا.