على خلفية الصور القاسية لجثث الأطفال الذين تضرروا إثر الهجوم الكيميائي الذي شنه جيش الأسد في ريف إدلب في سوريا، وأذهلت العالم، اليوم الثلاثاء، تحدثنا مع الباحثة أليزابيت تسوركوف، الخبيرة في شؤون سوريا، بهدف تلقي معلومات.
يرد الكثير من التقارير من سوريا. كيف يمكن أن نعرف إذا كانت التقارير حقيقية أم لا؟
“من الصعب أن أتطرق إلى التقارير بصفتها كاذبة، فهناك أشخاص ينكرون الهولوكوست في يومنا هذا أيضا. لدي أصدقاء في سوريا يبلغون عن الأعمال الفظيعة التي يشاهدونها. كيف يمكن أن نوضح ظاهرة قتل كافة العصافير، والأطفال الذين لا يتحركون بعد استنشاق الغاز؟”

هل نوع الغاز الذي استخدم معروف؟
ليست هناك إمكانية لمعرفة ذلك طالما لا تؤخذ عينات من المصابين وتُفحص مخبريا. يتطلب ذلك أسبوعين على الأقل. وفق الشهادات، يبدو أن الغاز المستخدم هو غاز سارين أو غاز تابون، والغازان هما غازا أعصاب استخدمهما نظام الأسد سابقا. من المؤكد أن الحديث لا يدور عن غاز “الكلور”، أولا لأنه لم تكن هناك رائحة الكلور وهي رائحة قوية ومعروفة، ثانيا لأن حجم الوفاة أكبر بكثير من حجم الضرر الذي يحدثه عادة غاز الكلور، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين لم يكونوا في المنطقة أثناء شن الهجوم ووصلوا إليها لاحقا لتقديم المساعدة أو التقاط الصور تضرروا عندما اقتربوا من المصابين.
وصل صديق شخصي لي، وهو مصور، لالتقاط الصور فأصيب جراء استنشاق الغاز. في هذه الأثناء انقطع الاتصال بيننا، ولا أعرف في أي مستشفى هو الآن أو إذا كان ما زال على قيد الحياة. وكذلك لا أعرف معلومات عن صحفيَين آخرَين أيضا. وصل أطباء، ومساعدون آخرون، وعمال إنقاذ من منظمة “الخوذ البيضاء” لتقديم المساعدة للمصابين، وكل من لمس الجرحى أو القتلى دون أن يستخدم قفازات تضرر أيضا.
ماذا يحدث الآن في أرض الواقع؟ ما هو عدد المصابين؟
وفق الصور والتقارير الواردة من سوريا هناك بعض عشرات القتلى، ما لا يقل عن 50 قتيلا، وهناك تقارير تتحدث عن أكثر من 100 قتيل. وبالإضافة إلى ذلك هناك مئات الجرحى والمصابين، وعلى ما يبدو، قد تضرروا بعد الهجوم أيضا. ما زالت البلدة تتعرض إلى هجوم جوي مكثف وإلى إطلاق نيران “تقليدي” مكثف جدا. أطلِقت النيران على بعض مراكز المساعدة، وعلى عيادة كبيرة عالجت الجرحى إثر الهجوم الكيميائي، وتضرر مركزان تابعان لمنظمة “الخوذ البيضاء”. ما زال الأشخاص يتعرضون للأذى وحال المدينة صعب جدا.
كيف يمكن تفسير أن الأطفال قد تضرروا أكثر من الآخرين نسبيا؟ هل كان الهجوم موجها ضدهم؟
يتضرر الأطفال من الهجوم الكيميائي لأن النظام يستخدم غازا ثقيلا يترسب، وعندها يستنشقونه بكمية أكبر. أما الكبار، فلأنهم أطول، نسبة الغاز التي تصل مستوى وجههم منخفضة أكثر. أمر مشابه حدث خلال الهجوم الكيميائي السابق الذي شنه نظام الأسد في الضواحي الشرقية من دمشق بتاريخ 31.8.2013، الذي قُتِل فيه 1400 مواطن، فقد مات الكثير من الأطفال للسبب ذاته.
لماذا شُن الهجوم على إدلب تحديدًا؟ هل هذه منطقة استراتيجية؟
ليس واضحا. هذه المنطقة بعيدة نسبيًّا عن خط الجبهة، تقع في مركز منطقة سيطرة المعارضة. كان هناك الكثير من المظاهرات في هذه المنطقة، ولم تكن ضد نظام الأسد فحسب مثل ما حدث في كل مدينة، بل ضد منظمات الثوار مثل جبهة النصرة أيضا. ففيها نسبة دعم واسعة للجيش السوري الحر، ولكن ليس هناك في المنطقة ثكنة أو مواقع استراتيجية. جرى الهجوم على المدينة على منطقة مأهولة بالمدنيين.
إلى ماذا يشير توقيت الهجوم حول الأسد ووضعه؟ هل يحاول الأسد نقل رسالة إلى العالم؟
في الأسبوعين الماضيَين نشهد زيادة تدريجية في استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي. يمكن أن نفترض أن هذا مرتبط بتصريحات الإدارة الأمريكية، مثلا، وزير الخارجية وسفيرة الولايات المتحدة في الأمم، اللذين قالا إن الولايات المتحدة لا تعتزم إسقاط الأسد. وهناك شعور عام أن الرئيس ترامب يقترب من بوتين.