السؤال: ما الذي تغيّر في الأيام الأخيرة وتسبب بأن يتحدث الجميع عن “انهيار الوضع الإنساني في قطاع غزة؟”
الإجابة: هناك عدة أسباب، وأهمها مؤتمر الدول المانحة من أجل غزة، الذي أجري في بروكسل قبل نحو أسبوع، وعرضت فيه إسرائيل برنامجا لإعادة إعمار البنى التحتيّة في القطاع، وهي تأمل أن تجند مليار دولار من أجله. كما هو معروف، لإقناع جهة معينة بالتبرع، هناك حاجة إلى تأجيج الحالة الصعبة للجهة المستفيدة من التبرعات، وفي هذه الحال يجري الحديث عن مواطني غزة. ثمة سبب آخر وهو أن حماس قررت التخلي عن مسؤوليتها بشأن مواطني غزة، لهذا يمكن التحدث بحرية عن الوضع الصعب في القطاع، الذي تم التستر عليه نسبيا حتى الآن. هناك سبب آخر يتعلق برغبة الجيش الإسرائيلي في “التحذير” من أن تخرج الأمور عن السيطرة، لئلا تُوجه إليه اتهامات بعدم الإنذار مسبقا… مثلا، كرس رئيس الأركان وقتا طويلا عندما تحدث أمام أعضاء الحكومة في المرة الأخيرة عن الوضع في قطاع غزة محذرا من تداعيات الوضع الأمني.
السؤال: هل هناك احتمال أصلا لتجنيد مبلغ مالي كبير إلى هذا الحد؟
الإجابة: الاحتمال ضئيل. الدول المانحة ليست متحمسة لعدة أسباب: أولا، لا تريد أن تسجل “صكا” بدلا الولايات المتحدة التي تقلص المساعدات للفلسطينيين والأونروا، خوفا من أن تشكل هذه الخطوة سابقة. ثانيا، هناك حالات طارئة أكثر لدى الدول الأوروبية، وأهمها اللاجئون السوريون، سواء في أوروبا أو خارجها، وهذه المشكلة أهم من مشكلة الفلسطينيين. ثالثا: لماذا سترغب الدول في استثمار مبالغ هائلة من أجل إعادة إعمار البنى التحتيّة في غزة في حين أن إسرائيل وحماس قد تخوضان جولة قتالية إضافية وتدمران كل ما تم إعماره؟
السؤال: هل ستساعد إسرائيل غزة؟
الإجابة: يعود ذلك إلى من نسأل. يبدو أن الجيش والمنظومة الأمنية يؤيدان تقديم المساعدات. لهذا سافر منسق عمليات الحكومة في الأراضي، بولي مردخاي، إلى بروكسل لإقناع العالم بالانضمام. للوهلة الأولى، يبدو أن هذا كان من واجب الرئيس الفلسطيني أن يقوم بهذه الخطوة (سنتطرق إلى هذه النقطة لاحقا). لقد سمحت إسرائيل بزيادة ساعات العمل في غزة، وفق ترتيبات مالية مع السلطة الفلسطينية، وهي تسمح بدخول البضائع عبر معبر كارم ابو سالم بشكل حر تقريبا. تكمن المشكلة في أن قدرة مواطني غزة الشرائية قد انخفضت، لهذا يصل عدد الشاحنات التي تدخل إلى غزة في وقتنا هذا إلى 300 حتى 400 شاحنة فقط. أصبحت جهات في المنظومة السياسية الإسرائيلية، مثل الوزير يسرائيل كاتس الذي يدفع برنامجا لإقامة جزيرة اصطناعية بالقرب من غزة وعضو الكنيست، يائير لبيد، تناشد تقديم المساعدة لمواطني غزة. في المقابل، يتهم مسؤولون مثل وزير التربية نفتالي بينيت، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان الفلسطينيين الذين يختارون استثمار الأموال في الإرهاب وليس في الحياة الطبيعية العادية. “لن تصل أموال دافع الضرائب الإسرائيلي إلى غزة”، قال بينيت أمس. “المشكلة هي مشكلة أبو مازن وعليه أن يكف عن تجويع شعبه”
السؤال: هل هذه الحالة تعزز احتمال تصعيد الأوضاع بين حماس وإسرائيل؟
الإجابة: ليست هناك علاقة بين الأمور بالضرورة. صحيح أن حماس تتخلى عن دورها بصفتها “عنوانا” لإدارة الحياة في قطاع غزة، مما يمنحها مرونة أكثر واتخاذ قرارات حول إذا كانت ستصعد الوضع ضد إسرائيل. رغم هذا، أصبحت تفضّل تركيز جل جهودها في الضفة الغربية، كما لاحظنا في الأيام الماضية.
السؤال: أين الرئيس الفلسطيني؟
الإجابة: هذا سؤال جيّد. كما هو معلوم، أبو مازن هو الذي بدأ الوضع الحالي بعد أن أوقف نقل الرواتب إلى القطاع متخليا عنه اقتصاديا. تقول حماس، لا نريد تحمل المسؤولية بعد، وفي المقابل، لا يسرع أبو مازن لتحملها. يبدو أنه يفضل أن يترك حماس وإسرائيل تواجهان المشكلة. السؤال هو: هل هكذا يتعين على الرئيس الفلسطيني أن يتصرف.