ربما سيتم ذكر حادثة دالاس التي وقعت يوم الجمعة الأخير (08.07.16)، في نهاية مظاهرة غير عنيفة ضدّ عنف الشرطة، والتي أطلق فيها قناص النار على خمسة عناصر شرطة بيض وقتلهم، كنقطة تحول تاريخية في تاريخ العلاقة المعقّدة بين عناصر الشرطة والمدنيين في الولايات المتحدة.
بعد سنوات من العلاقات الإشكالية بين المجتمع الأسود في الولايات المتحدة وبين عناصر الشرطة، سيُحدّد تعامل الشرطة مع مطلق النار، ميكا حباير جونسون، في يوم المظاهرة في دالاس، كسابقة تاريخية، رغم كونه اليوم الأكثر فتكا في الشرطة في الولايات المتحدة منذ عملية 11 أيلول.
كان إطلاق النار دقيقا جدا وقاتلا، حيث قدّرت عناصر الشرطة في البداية أنّ مصدرها من خلية قناصة. بعد أن تحصّن مطلق النار في موقف سيارات في وسط المدينة، وتبادل إطلاق النار مع أفراد الشرطة ورفض الخضوع، قررت الشرطة العمل بشكل غير مسبوق – وإرسال روبوت لقتله.
ويقدّر خبراء أنّ هذه كانت المرة الأولى التي استخدمت فيها الشرطة روبوت بهدف القتل. استخدمت عناصر الشرطة الروبوت لإبعاد المتفجرات. لقد ربطوا إلى ذراعه عبوة ناسفة وشغلوها عندما كان قريبا من المشتبه به.
يبرر الكثيرون الاستخدام الاستثنائي لهذه الممارسة من قبل الشرطة في ذلك اليوم، حيث إنّ “البدائل الأخرى كانت ستعرّض عناصر الشرطة إلى خطر كبير”، كما قال قائد شرطة دالاس، وقد شكّل مطلق النار فعلا خطرا شديدا على المدنيين وعناصر الشرطة على حدٍّ سواء.
ومع ذلك، يدور الحديث عن ممارسة عسكرية، استخدمها الجيش الأمريكي في العراق، ومن شأنها أن تقرّر سابقة خطيرة في عمل الشرطة مستقبلا. هناك عناصر شرطة يعتقدون أنّه إذا تقررت هذه السابقة يمكن أن تستخدمها الشرطة أيضًا في أماكن أخرى في الولايات المتحدة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها ادعاءات حول عسكرة الشرطة في الولايات المتحدة. عام 2014، في مظاهرات عقب قتل شاب أسود بفعل نيران الشرطة، استخدمت الشرطة المحلية مركبات مدرّعة ومعدّات عسكرية لتفريق المتظاهرين.
كجزء من خطة توزيع السلاح في البنتاغون، نُقلت أسلحة ومعدّات عسكرية لسلطات إنفاذ القانون في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأمر الرئيس أوباما في شهر تشرين الأول الأخير بتقليص هذه الخطة، ويجب على الشرطة الآن توفير توضيحات بشأن حاجتها إلى الطائرات من دون طيار، الطائرات أو الوسائل الأخرى لتفريق المظاهرات. ومع ذلك فقد حصلت سلطات إنفاذ القانون المختلفة في أنحاء الولايات المتحدة على معدّات تكنولوجية متطورة، من شأنها فقط أن تزيد من حدّة الحرمان الذي يعاني منه المواطن البسيط أمام الشرطيين المجهّزين جيّدا.
على هذه الخلفية، فإنّ التكتيك الجديد لإرسال آلة يتم التحكّم بها عن بعد من أجل تنفيذ القتل، والذي تم تنفيذه للمرة الأولى يوم الجمعة الأخير في دالاس، يزيد من طمس الخطّ الفاصل بين الشرطة والعسكر. صحيح أن المهمة في الحرب هي القتل، لكن تقف أمام سلطات إنفاذ القانون مهمة أخرى. لذلك فإن استخدام الشرطة للروبوت في دالاس يطرح السؤال إذا ما كانت هذه هي بداية عصر جديد في الشرطة، تستخدم فيه عناصر الشرطة القوة بجهاز التحكّم عن بعد، وإذا كان سيُشكل وعي الشرطة قوة عسكرية مقاتلة؟