اتضح أن منفذ عملية تل أبيب، نشأت ملحم، من قرية عرعرة، كان تحت تأثير الكحول والمخدرات، قبل ساعات من إقدامه على إطلاق النار على رواد حانة في تل أبيب، وبعدها على سائق سيارة أجرة عربي، مخلفا مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة العشرات. وجاءت الشهادة على الحالة التي كان فيها ملحم، منه نفسه، إذ صوّر نفسه بواسطة هاتفه النقال وهو يتناول الخمرة ويدخن الحشيش، ويتحدث عن أعداء الإسلام من الصليبيين واليهود والشيعة. واتسمت ردود الفعل على هذه المقاطع بالانقسام والارتباك حيال صورة “الشهيد البطل” التي سارع فلسطينيون كثيرون إلى رفعها.
لم يكتفِ ملحم بالظهور وهو يشرب الخمرة ويدخن، بل أسهب الحديث، في مقاطع الفيديو التي حفظها على هاتفه النقال، عن شرب الخمرة وتدخين جميع أصناف المخدرات، مستخدما مصطلحات لا يعرفها إلا من أقضى وقتا طويلا تحت تأثير المخدرات والكحول. وبدا لمشاهد المقاطع أن الشاب الذي قتل ثلاثة إسرائيليين، وخطط لقتل المزيد لو تسنى له، مهتزا في نفسه، لا يفكر أبدا بعقله، إنما لجأ إلى شتى الوسائل لكي يتلاعب بعقله. وأن “البطل” ملحم ما هو إلا “مسطول” كما وصف نفسه.
وسرعان ما توالت ردود الفعل على هذه المقاطع التي انتشرت كالنار بالهشيم على النت. وانقسم المتابعون المسلمون بين مستنكر ومشكك وغير مبال لهذه الصورة الأخيرة التي ظهرفيها ملحم.
فبالنسبة لجزء من المتابعين، هذه المقاطع الجديدة لم تعن كثيرا، فمن قرر منذ البداية أن نشأت ملحم شهيدا وبطلا فلسطينيا، مجرد لأنه قتل إسرائيليين، لن يقبل أن يطعن أحد بهذه الصورة. وحتى أن بعضهم غفروا له خطاياه، كما عبّرت المتابعة “سناء” على فيسبوك، التي علّقت على صور ملحم المثمِل “بإذن الله غسل الله ذنوبه و خطاياه بإستشهاده رحمه الله ورفع نزله”. أو كما كتب “أمين”: ” كل المعاصي تسقط عن المجاهد والذي يقاتل في سبيل الله هذا في الفقه الجهادي …..ولله الحمد”. فبالنسبة لهؤلاء، لا شيء يمكنه أن يشوّه صورته. وتمجيد الشهيد يصبح أهم من النظر إلى نهجه وحياته وأسلوبه، ناهيك عن فعلته، أي قتل أناس أبرياء في تل أبيب، وحتى أنه قتل سائقا عربيا.
الأنكى من ذلك، أن هنالك من رأى الفوائد من وراء الخمرة والحشيش، مثلما كتبت “أمة الله”: “يا ريت العرب كلهم يشربوا الخمر ويدخنوا الحشيش بس يعملوا زيه”. وغريب أن تأتي هذه المواقف من أفراد ينتمون إلى مجتمع محافظ، يحرّم شرب الخمر، وتناول مشتقات الحشيش (كما قال ملحم في الفيديو)، لكن يبدو أن المحرمات مباحة، والجنة في انتظار القاتل، بمجرد الشهادة. وأن حالة “السُكر” أصبحت حالة اجتماعية، حيث لا يميز أفراده بين الحرام والحلال بعد.
لكن هنالك من خالف سير الذين حاولوا غض الطرف عن صورة ملحم نشأت “المسطول”، مثلما احتج “عمران” كاتبا: “ليش الاسلام قال اشربو الخمر وجاهدوا في سبيل الله؟؟ ومش بس هيك قتل ناس مدنيين ما معهم سلاح بدل ما يواجه الجنود؟ قال بطل قال هاد فطيسة ارهابي”. وأضاف “الاسلام بريء من قتل الابرياء لو العدو قتل ابرياء منا.. وانشالله اكون شهيد بس مش زي هاد الارهابي المجرم ..”.
وعمد “محمود” على إرباك زملائه على فيسبوك كاتبا: “على ماذكر اذا شربت الخمرة لا يقبل لك اي عمل لمدة 40 يوم مش متأكد من المدة لانها من المنكرات” وأضاف “طيب فكرة والله اروح اشرب خمره وحشيش وازني كمان وبعدها اروح اعمل عمليه انتحارية في اسرائيل اقتل 100 يهودي وادخل الجنه واصبح شهيد ومشهور”.
وبين من أراد الحفاظ على صورة ملحم الشهيد، ومن ندد بفعلته وبأخلاقه، هناك من قرر التشكيك بالحقائق التي جاءت من ملحم نفسه، وليست من أي طرف آخر، مثلما كتب “سليمان”: “كذب ما في دليل انها بيرة”، أو كما كتبت “عدلة”: “كذابين …هذه صور فوتوشوب”. وردّ “محمود” على هذه الادعاءات: “تطور التكنولوجيا مش هتجيب شبيه 100 % ليه وهو بيشرب الخمر والحشيش”.