عندما تشاهدون في العادة أفلام الكرتون أو أفلام الأطفال ستلاحظون، غالبا، أن الكلاب، القطط، الفيلة، القرود، وسائر الحيوانات تتصرف تماما كالبشر. هناك مشاعر ورغبات لدى الحيوانات وتتواصل بين بعضها بعضا إما بالإنجليزية أو بالعربية (يتعلق الأمر بأية قاعة تشاهدون الفيلم).
بطبيعة الحال، فالعالم المعروض في الفيلم لا يمكن أن يتحقق في الواقع. ولكن الحيوانات تتواصل فيما بينها – كما يعلم كل من شاهد لقاء بين كلبين، على سبيل المثال.
لغة البشر
تستند اللغة البشرية على مبدأين. المفردات – قائمة من الأصوات ومجموعات المقاطع المتفق عليها بين جميع الناطقين باللغة باعتبارها تمثّل شيئا أو مفهوما معينا. والمبدأ الآخر هو قواعد اللغة والنحو – وهي خوارزمية مبنية في دماغ كل ناطق باللغة وتسمح له بضمّ الكلمات معا إلى ما لا نهاية من الطرق، من أجل التعبير عن كل فكرة تخطر في باله.
لغة الحيوانات
في المقابل، يستند معظم تواصل الحيوانات على إظهار الحالة المزاجية أو قصد الحيوانات التي تتواصل. يغرغر القطّ عندما يكون راضيا، ينفث عندما يريد أن يهاجم، ويصدر أصوات عويل مرتفعة عندما يكون على مقربة من قطة ذات هياج جنسي عندما يكون راغبا فيها.
اكتشف الباحثون أنّه في أوساط القرود، هناك نوع من بداية اللغة – لا تعبّر الأصوات التي تصدرها فقط عن حالة مزاجية، وإنما تشير إلى أشياء أو إلى حيوانات معينة. جاء الدليل الأول على ذلك من قرود تعيش في شرق إفريقيا وجنوبها. قبل نحو 35 عاما اكتشف باحثون أنّ تلك القرود تصدر نداءات تحذيرية مختلفة عندما ترى نمرا، نسرًا أو ثعبانًا. في حين أنّ نداءات التحذير العامة يمكن أن تنبع ببساطة من الخوف (ولا تختلف عن نفثة قطّ)، وتدلّ النداءات المختلفة لمختلف المفترسات على الربط بين الحيوان وصوت معيّن. تستجيب القرود أيضًا بشكل مختلف عندما تسمع نداءات مختلفة: تركض إلى الأشجار استجابة لنداء “النمر”، تنظر إلى الأعلى عندما تسمع صوت “نسر”، وتنظر إلى الأسفل كردة فعل منها على وجود “ثعبان”.
أجريت أبحاث مشابهة أيضًا على الطيور، وقيل إنّه يوجد للغربان بل وحتى للدجاجات نداءات تشير إلى أنواع طعام معينة. في حالات نادرة، يمكن التحديد أنّ الحيوانات تصدر أيضًا مجموعة من عدة نداءات بترتيب معين – ويعتقد بعض الباحثين أنّ هذه بداية بناء جملة.
هناك باحثون كثر يدعون أنّه لا توجد أية علاقة حقيقية بين الأصوات التي تصدرها الحيوانات وبين رغباتها وأنّها كما يبدو انتقاء طبيعي أو غريزة كامنة. هل يعني ذلك أنّ على الباحثين دراسة سلوكيات أخرى للحيوانات؟ على سبيل المثال: التركيز على حركات أجسامها؟
الحركات الجسدية لدى الحيوانات – تواصل حقيقي
الحركات الجسدية هي جزء مهم في التواصل بين الحيوانات، وبين بني البشر أيضًا. فعلى سبيل المثال، عندما تهزّ الكلاب ذنبها أو تؤدي حركة تكون فيها أرجلها الأمامية ممتدّة ورأسها منحنيًا فهذا يعني دعوة “للعب معًا”.
ويمكن قياس الحالة المزاجية لدى الخيول وفقا لزاوية أذنيها – عندما تكون مجذوبة نحو الوراء وملتصقة بالرأس، فمن المفضّل عدم الاقتراب. في أنواع كثيرة من الطيور والأسماك، يقوم الذكور برقصة معينة من أجل التعبير للأنثى عن الرغبة فيها. عندما يتقاتل الذكور من أجل الهيمنة أو من أجل السيطرة على منطقة يؤدون حركات، مثل ظاهرة تقوّس الظهر لدى القطط، والتي تهدف إلى إقناع الخصم بأنّها كبيرة ومخيفة.
هناك في معارك الحشرات لغة جسد أيضًا ودلالة لكل حركة: ينقل الرقص الذي تؤدّيه نحلات العسل لدى عودتها إلى الخلية بعد أن عثرت على مصدر غني بالرحيق، كذلك مدة الرقص واتجاهه إلى النحلات الأخريات معلومات عن اتجاه ومسافة “الزهور الناجحة”. وبالمناسبة فهذا أيضًا هو النموذج الوحيد المعروف للباحثين، إلى جانب اللغة البشرية بطبيعة الحال، لنقل المعلومات الدقيقة والموجّهة بين الحيوانات أو الحشرات.
أهمية اللون والرائحة في التواصل
كل من تنزّه مرة مع كلب، يعرف الدور المهم الذي تلعبه حاسّة الشمّ في الشبكة الاجتماعية لديه. ليس فقط أنّ الكلاب معتادة على شمّ بعضها البعض عندما تلتقي، فهي تقضي أيضًا وقتا طويلا في الفحص الدقيق للروائح التي تركتها الكلاب الأخرى. يمكن للكلاب الذكور أن تتعرف بهذه الطريقة، من بين أمور أخرى، على وجود أنثى ذات هياج جنسي في المنطقة. تسمى المواد الكيميائية التي تستخدمها الحيوانات لنقل رسالة لأبناء جنسها الفيرومونات، وهي منتشرة في كل مملكة الحيوانات. تمت دراسة الفيرومونات كثيرا في الحشرات، حيث تُستخدم هناك، كما هي الحال لدى الكلاب، من أجل جذب الذكور للأنثى، ولكن أيضًا لأهداف كثيرة أخرى. على سبيل المثال، يستخدم النمل الفيرومونات لتحديد الطرق المؤدية إلى مصدر غذاء، وتستخدم فيرومونات أخرى من أجل استدعاء أخواتها عندما يتعرّض العشّ لهجوم.
هناك لدى بعض الحيوانات طرق تواصل من شأنها أن تبدو لنا غريبة وعجيبة جدا. يمكن أن يغيّر الحبّار والأخطبوط لون جلدهما، وكما يبدو فهي وسيلة تواصل مع أبناء النوع ذاته، وإنْ كنّا في هذه الأثناء لا نستطيع تخمين أية رسائل تُنقل بهذه الطريقة. حتى الحرباء، وهي حيوان معروف أكثر من الجميع بتغيير اللون، تقوم بذلك بشكل جزئي على الأقل كطريقة لنقل المعلومات. تغيّر أنثى الحرباء، على سبيل المثال، لونها عندما تكون جاهزة للتكاثر.
تستند الكثير من المعلومات في هذا المقال إلى مقال في موقع هآرتس