يزعم قادة حماس تمثيل فقراء الشعب الفلسطيني، لكن في الحقيقة يتمتعون بحياة عالية المستوى في بيوتهم الفاخرة. ففي الأسابيع الأخيرة، تفيض الشبكة بصور لمسؤولي حماس في طائرات فاخرة، فنادق خليجية وغرف لياقة مجهّزة، وتنالهم انتقادات لاذعة، من أبناء شعبهم والكثيرين غيرهم. إذًا كيف صار مسؤولو حماس ملوك المال الجدد في العالم العربي؟ نشرت قناة إسرائيل الثانية مؤخرًا تحليلا لخبير إسرائيلي مختص باقتصاد الشرق الأوسط.
حسبما نُشر، وصلت الأموال من عدة جهات، بدءًا من تبرعات أناس تُوُفّوا، أموال الوقف، أموال جارية بواسطة “صندوق الصدقة”، وحتى الزكاة، وطبعًا تبرعات من دول مختلفة. “بدأ ذلك في سوريا، السعودية، وبعد ذلك إيران، التي كانت الداعم الأكبر لحماس، وانتهى اليوم إلى قطر التي حلت محل إيران”، يقول الخبير.
يجدر الذكر أن أغلبَ مؤسسي حماس ورؤساءَها كانوا لاجئين أو جيلا ثانيًا من اللاجئين، ولذلك فإن تحوّلهم لأثرياء ما فوق الشعب يستدعي التساؤلات. في بداية مسيرتهم، حتى قبل أن تتكتل الحركة تحت اسم حماس، لاقى التنظيم دعمًا من قبل الحكومة العسكرية الإسرائيلية، التي رعَت التنظيمات الإسلامية الناشطة في القطاع كي تصنع توازنًا مقابل فتح. في اليوم الذي قرروا فيه الانفصال عن إسرائيل، بدؤوا يبحثون عن مصادر تمويل بديلة. بالإضافة للتبرعات من دول مختلفة، بدؤوا العمل في الولايات المتحدة من متبرعين مختلفين الذين جنّدوا أموالا لصالح نشاطات حماس. وهنا بدأت الأموال تتراكم في يد المسؤولين.
إذًا كم يساوي اليوم رؤساء الحركة؟على ما يبدو، كثيرًا جدًا.
موسى أبو مرزوق، رقم 2 في حماس، كان مساهمًا بنفسه في تجنيد الأموال في الولايات المتحدة، ويعد اليوم أحد أصحاب المليارات في حماس. حسب التقديرات، إنه يساوي 2-3 مليار دولار، وهو يملك 10 مؤسسات مالية تعطي قروضًا وتجري صفقات مالية. في نفس ما نشر في القناة الثانية، يقول الخبير الإسرائيلي، إنه رغمَ اعتقال أبي مرزوق في الولايات المتحدة سنة 1995 على خلفية أعمال داعمة للإرهاب، لكنه ما يزال يحتفظ بثروته. حسب تقديره، إن هذا نتيجة التعاون المشترك بين أبي مرزوق والحكومة الأمريكية. “ ”لا إثبات على ذلك”، قال، “لكن من الصعب التصديق أن سببًا آخر غير ذلك جعله ينجو بلا عقاب من مخالفات خطيرة كهذه”.
يقف إلى جانب أبي مرزوق على رأس القائمة، طبعًا، خالد مشعل. يُقدّر عالميا أن مشعل يساوي اليوم 2.6 مليار دولار، لكن الأرقام التي يتحدث عنها المحللون العرب أكبر من ذلك كثيرًا، وتتراوح بين 2-5 مليار دولار تُستثمر في البنوك المصرية والخليجية، وقسط منها في مشاريع عقارية في بلاد الخليج.
بعد “القروش الكبرى”، لم تخرج القيادة الثانوية في غزة خاليةَ الوفاض. تُقدّر أموال رئيس حكومة حماس، إسماعيل هنية، بما لا يقل عن 4 ملايين دولار، مبلغ لا بأس به حسب كل الآراء، خاصة في حقّ من ترعرع في مخيّم الشاطئ للاجئين، الذي يعاني أغلب سكانه من البطالة ويتضورون للخبز جوعًا. حسب الخبير، سجل هنية أغلب أمواله باسم صهره نبيل، وباسم أبنائه وبناته. لكلهم بيوت في مناطق عقارات معتبرةٌ في القطاع، يُقدّر كل بيت فيها بمليار دولار، على الأقل.
إسماعيل هنية يستقبل حمد بن خليفة ال ثاني في غزة (AFP/POOL/MOHAMMED SALEM)
مليونير آخر، هو أيمن طه، الذي حسبما يقول نفس الخبير “كان فقيرًا بائسًا من مخيّم “البرج” للاجئين ، لكنه بنى مؤخرًا بيتًا في مركز القطاع والذي يساوي مليون دولار. لقد كان مسؤولا عن التنسيق بين الجهات الخارجية وحماس في القطاع، ولم يكن حتى مسؤولا كبيرًا، لكنه كان من بين أُصحاب الملايين”.
من الواضح، إذًا، أن الفساد يزدهر في القطاع وخارجه، والأموالَ التي تُعد للشعب الفلسطيني، لا تصل إلى إنشاء الأنفاق والإرهاب فقط، بل إلى جيوب مسؤولي حماس. وأيضًا، بواسطة سوق التهريب المزدهر عن طريق الأنفاق، يقتطع المسؤولون حصتهم، “لو استمر العمل، لكان هذا قد ضاعف عدد أصحاب الملايين في القطاع، رغم أن أغلب الشعب ليس كذلك”، يقول المحلل، ويضيف تخمينا يسترعي الانتباه: “الرجل الذي يحرك الخيوط فيما يخص الأنفاق لن يكون أقل من رقم 2 في الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر”.