كشفت الصحيفة الاقتصادية في “هآرتس”، The Marker، صباح الأمس (الأربعاء) أنّه خلال عشرات السنين اعتاد المسؤولون المنتخَبون في إسرائيل على تحديد تحويلات أموال خاصة في إطار النقاشات حول موازنة الدولة السنوية، وفقا لاتفاقات ائتلافية، والتي لم يتم الكشف عن جوهرها أمام الجمهور.
في شهر تشرين الثاني الماضي، عندما طُلب من الكنيست الموافقة على موازنة الدولة لعام 2016، تم الكشف للمرة الأولى عن اتفاقات الموازنة الخاصة كاملة، بالإضافة إلى أسماء أعضاء الكنيست الذين نجحوا في أن يبتزّوا خلال الموافقة على الموازنة الملايين لأغراض مختلفة، بما في ذلك مخصصات كثيرة لمؤسسات دينية مختلفة: المغاطس (مكان للاغتسال والتطهّر في اليهودية)، الهوية اليهودية، الجمعيات لإحياء ذكرى الحاخامات وما إلى ذلك.
مسحت صحيفة “هآرتس”، بالتشارك مع جمعية “إسرائيل حرة”، والتي تعمل على تعزيز الحرية الدينية والتحرر من الدين، موازنة دولة إسرائيل بحثا وراء تلك الشواقل جميعها، التي يتم تبذيرها لتقديم خدمات دينية. كانت تلك مهمة تحدٍّ، حيث إنّه لا يوجد حصة واضحة في الموازنة للدين في إسرائيل. صحيح أنّ هناك “وزارة الشؤون الدينية”، ولكن الأموال المخصصة لها هي مجرد جزء صغير من الميزانيات الموجّهة لتمويل المؤسسات الدينية المختلفة.
في حين أن موازنة الخدمات الدينية في إسرائيل قد بلغت نحو 640 مليون شاقل (نحو 168 مليون دولار)، فإنّ التكلفة الإجمالية للدين في إسرائيل ستصل عام 2016 إلى نحو 8.7 مليار شاقل (نحو 2.2 مليار دولار).
ويظهر من البيانات التي فُحصت أيضًا من قبل محققي صحيفة هآرتس أنّ حصّة الموازنة المخصصة للخدمات الدينية ليست ثابتة، وقد تتغير حتى من يوم إلى آخر. يمكن أن يتقلّص أو يتضخّم تمويل جمعية معيّنة خلال أسابيع بمئات آلاف الشواقل. إنّ التغييرات المتكررة في الحجم الإجمالي للتمويل لتلك البنود نفسها (بواسطة لجنة الأموال في الكنيست) تزيد هي أيضًا من صعوبة جمع وعرض البيانات الموثوقة والدقيقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الحكومة لا تجمع البيانات حول التهرّب من الضرائب لمؤسسات دينية مثل مكاتب منح الحلال الخاصة (المكاتب المسؤولة عن الموافقة على أن تحظى الأطعمة بتأشيرة حلال وفقا للشريعة اليهودية) أو التنازل عن دفع الضرائب البلدية لدور العبادة. أي إنّ المبلغ الإجمالي الذي تم الكشف عنه هنا هو بمثابة تقدير يستند إلى بيانات توفرها الدولة نفسها، إلى استعلامات أرسلت إلى وزارات الحكومة وإلى الفحص مع مصادر حكومية. ومع ذلك، فإنّه أدقّ تقدير لتكلفة الدين في دولة إسرائيل نُشر حتى الآن.
كشف التحقيق عن نتائج صعبة حيث تمنح إسرائيل أموالا كبيرة للحاخامات والكثير من الجمعيات العاملة في أوساط العلمانيين في تل أبيب من أجل إعادة الكثير من المواطنين هناك إلى الدين. والمحرّك الذي يقف خلف هذه الميزانية المتضخّمة هو بشكل أساسيّ الأحزاب الدينية الناشطة في الائتلاف الحكومي لنتنياهو.
طلب المحقّقون تعليق وزارة الشؤون الدينية وهذا ما جاء على لسانهم: “إن التقرير ليس دقيقا وهذا على أقلّ تقدير. تم خفْض الميزانية وهي لا تبلغ هذه المبالغ التي عُرضت ولا تلبي مطالب السلطات المحلية لإقامة كُنُس ومغاطس في الأحياء الجديدة، وتطوير المقابر وغير ذلك”.