منذ سنوات يتصدر الاسم “سم الاغتصاب” العناوين بصفته سما خطرا يُستخدم لتسميم النساء في النوادي حتى يفقدن وعيهن لاستغلالهن جنسيّا، واغتصابهن أحيانا، وفق ما يظهر من اسمه.
تصدر السم العناوين مؤخرا في قضية التحرشات الجنسية في النوادي في تل أبيب، حيث اعتاد فيها أحد الرواد المدمنين والمعروفين في المدينة على تقديم الخمرة للنساء حتى تسميمهن وفقدان وعيهن، ومن ثم يستيقظن وهن في منزله بعد أن مارس معهن علاقات جنسيّة.
ولكن ما هو “سم الاغتصاب”، وهل هناك سم كهذا حقا؟
في الحقيقة، ليس هناك سم معين يدعى “سم الاغتصاب” وهذا هو اسم شعبي لعدد من أنواع المخدّرات المختلفة ذات الصفات الشبيهة: مخدّرات تحبط عمل الجهاز العصبي أو تؤدي إلى ضبابية في الحواس وهلوسة، لا لون ولا طعم لها، وتتطاير من الدورة الدموية بعد وقت قصير، وغالبا بعد 6 حتى 8 ساعات.
يمكن أن نجد بين المخدّرات الأكثر شيوعا مُخدّر GHB، وهو سم مهدئ يعمل على إحباط عمل جهاز الأعصاب، مُخدّر GBL، يؤدي إلى ضبابية في الحواس، مُخدّر كيتامين كان يُستخدم غالبا كمادة تخدير ولكنه يؤدي إلى هلوسة وشعور من البلبلة، وفلونيترازيبام وهو مادة تحبط عمل الجهاز العصبي المركزي. في الحقيقة، قد تعتبر الكحول أيضا في حالات معينة “سم اغتصاب”، لأن استهلاكها المفرط يؤدي إلى أعراض شبيهة بفقدان الحواس وفقدان الوعي أحيانا.
“إن الإشكالية في السم القابل للتطاير بسرعة إضافة إلى الحقيقة أن في إسرائيل هناك مختبر واحد فقط قادر على العثور على بقايا سموم الاغتصاب المختلفة في فحوص الدم، تجعل إثبات استخدام هذا السم غير ممكن تقريبًا”
بسبب هذه الصفات، أصبح سم الاغتصاب “جريمة كاملة”. فقد نجح الرجال في إضافته إلى مشروب النساء، اللواتي لم يشعرن به، ولم يشممن رائحته. وبعد أن فقدت النساء وعيهن، استغل الرجال حالتهن لإقامة علاقة جنسية معهن دون موافقتهن. ولكن بعد أن استيقظت هؤلاء النساء كن مرتبكات كثيرا ولم يفهمن ما الذي حدث، وعندما فهمن أن شيئا ما ليس عاديا، فقد تطاير السم من أجسامهن، ولم يكنّ قادرات على إثبات شيء، حتى في فحوص الدم.
بدأت ظاهرة استخدام المخدّر في نهاية التسعينات واتسعت جدا في الألفية الثانية، حتى اخترقت الوعي. بدأت حملات تجارية تدعو النساء أن يحافظن على مشروبهن وألا يتركنه للحظة واحدة دون مراقبة لئلا يُدخل سم فيه.
افتُتحت في مواقع التواصل الاجتماعي مجموعات كثيرة تحدثت فيها نساء وشابات عن قصص شبيهة – كيف شربن مشروبا واحدا مع شاب في ناد، وفجأة وجدن أنفسهن في سريره، دون أن يتذكرن كيف حدث ذلك.
تُحبط الشرطة الإسرائيلية أحيانا محاولات تهريب “سم الاغتصاب”، وفي الماضي اعتقلت مشبوهين في إنتاج السم في إسرائيل. في عام 2013، أغلقت الشرطة ستة نواد معروفة وشعبية في تل أبيب، بعد أن وثق عميل سري بيع كميات كبيرة من “سم الاغتصاب” فيها إضافة إلى مخدّرات ثقيلة أخرى.
ولكن رغم عدد الشكاوى الكبير الذي قدمته المشتكيات في الشرطة، لم تُثبت حتى يومنا هذا حالة واحدة استُخدم فيها “سم الاغتصاب” في إسرائيل. في عام 2104، نُشر أنه بعد إجراء فحص 1.744 حالة تحرش جنسيّ في إسرائيل خلال ثماني سنوات، لم يُعثر على بقايا سم اغتصاب في أي منها.
بينما لا يزال يدعي الكثير من النساء في إسرائيل أن “سم الاغتصاب” ما زال يُستخدم في النوادي، يدعي آخرون أن السم قد أصبح “ذريعة” تخترعها النساء اللواتي ترفضن الاعتراف بحقيقة أنهن استهلكن الكحول إلى أن فقدن وعيهن.
إن الإشكالية في السم القابل للتطاير بسرعة إضافة إلى الحقيقة أن في إسرائيل هناك مختبر واحد فقط قادر على العثور على بقايا سموم الاغتصاب المختلفة في فحوص الدم، تجعل إثبات كل ادعاء غير ممكن تقريبًا.
رغم ذلك، شعرت النساء بفقدان الحواس بعد أن تناولن مشروبا واحدا فقط، لذلك فإن احتمال أنهن سكرن حتى فقدن ذاكرتهن ضئيل جدا.
للإجمال نوضح أن الرجال ما زالوا يستغلون النساء ويقيمون معهن علاقات جنسيّة دون موافقتهن. هناك “سم اغتصاب” حقا، ولكن ليس مؤكدا أن في كل مرة فقدت فيها النساء وعيهن استُخدم فيها هذا السم. ولكن من المجدي أن تعمل الشرطة وكذلك النوادي وروادها كل ما في وسعهم لوقف الظاهرة تماما.