مقتل المواطن السعودي ماجد الماجد قائد “كتائب عبد الله عزام” الذي أعلن عن مسؤوليته عن التفجير الانتحاري المزدوج في السفارة الإيرانية في بيروت في 19 تشرين الأول يُحدث توترًا بين الرياض وطهران من جديد. أسباب موت الماجد في مقر تابع لقوات الأمن في لبنان ليست واضحة، لكن إيران ألقت المسؤولية على السعودية مدعية أن مقتله جاء محاولة لإخفاء دور المخابرات السعودية في تفجير السفارة الإيرانية.
تطرق وزير الاستخبارات الإيراني، محمود علوي، مطلع الأسبوع، إلى مقتل الماجد في السجن ووصفه بالـ “مشبوه”. بالمقابل، طالب عدد من أعضاء المجلس وزارة الخارجية الإيرانية بفتح تحقيق حول موت الأسير السعودي. قال عضو المجلس سيد علي طاهري أثناء جلسة علنية في المجلس أن على وزارة الخارجية التحقيق في أسباب موته الغامض وعرض نتائج التحقيق على الجمهور.
اتهم عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، أحمد شوهاني، السعودية بالتدبير للتفجير في السفارة الإيرانية واغتيال الماجد الذي جاء للتغطية على دورها في التفجير.
قال شوهاني في مقابلة مع وكالة الأنباء “ايسنا” إن السعودية اغتالته بعد أن طالبت إيران بأن يكون لها دور في محاكمة الماجد كمشرفة وذلك خوفًا من أن تؤدي المحاكمة إلى كشف دور السعودية ودور شخصيات سعودية رفيعة المستوى بتنفيذ الأمر.
يعتقد شوهاني أن تدخل السعودية ناتج عن النفوذ الإيراني المتصاعد في المنطقة. تطرق نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية منصور حقيقت – بور إلى دور السعودية في مقتل الماجد قائلا: تؤكد الأنباء التي تشير إلى أن السعودية كانت على استعداد لدفع مبالغ هائلة من أجل تسليمه من قبل لبنان، أن المعلومات التي كانت لديه مهمة جدًا.
جدد موت الماجد الغامض الهجمة التي تقوم بها وسائل الإعلام الإيرانية ضد السعودية وضد الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود بشكل خاص والذي تم اتهامه بشكل مباشر بالتورط بعملية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت وباغتيال الماجد في السجن. صرحت وكالة الأنباء المحافظة “فارس” في 5 كانون الثاني استنادًا إلى تصريحات رجال أمن لبنانيين أن الماجد كان يملك معلومات كثيرة ذات أهمية عن تنظيم القاعدة وعلاقاته بالدول العربية والغربية وحول وسائل نقل الأموال للتنظيم.
طالبت وكالة الأنباء إيران بتقديم شكوى ضد السعودية لمحكمة العدل الدولية في هاغ وفي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في حال ظهور علاقة بين الماجد والمخابرات السعودية والكشف عن تورط السعودية في تفجير السفارة في بيروت. ستتمكن إيران بهذه الحالة من ملاحقة بندر بن سلطان الذي يشغل منصب مدير الاستخبارات من خلال الإنتربول أيضًا.
وجه المحلل السياسي لشؤون الشرق الأوسط، حسن هاني زادة، أيضًا اتهامًا للسعودية بمقتل الماجد وقال إن اغتيال الأسير السعودي جاء كي لا يُكشف عن أسرارها وأضاف قائلا: إن موته سيمنع الكشف عن أسرار حول العلاقة بين القاعدة وتنظيمات سلفية في العراق وسوريا ولبنان وبين السعودية وإسرائيل.
قال زادة في لقاء مع الصحيفة الإيرانية “جوان” إن بندر بن سلطان لم يكن يرغب بأن يكون لإيران دور في التحقيق مع الأسير. قال المحلل أيضًا أن مئة شبكة سعودية تقريبًا تعمل ضد إيران وسوريا اليوم عن طريق دعم مادي وإعلامي مصدره أموال النفط السعودي. بالمقابل، ركّزت وسائل الإعلام الإيرانية على الأنباء التي صدرت أول الأسبوع ومفادها أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الحكم السعودي بـ “حكم إرهابي” واتهمه بالتورط في التفجير الإرهابي الذي حدث خلال الأسبوع الماضي في فولغوغراد.
تؤكد حادثة مقتل الأسير السعودي في لبنان مجددًا وجود الشك وانعدام الثقة بين إيران والسعودية. يجدر الذكر أن الأنباء الأخيرة عن التقارب بين إسرائيل ودول الخليج على خلفية التقارب الإيراني الأمريكي والاتفاق حول المسألة النووية بين إيران والغرب أثار انتقادات حادة في إيران ضد جارتها. يبدو من خلال الأنباء التي ظهرت خلال الشهور الأخيرة أنه رغم الجهود من قبل الدولتين لاستغلال تبديل الحكم في إيران بهدف التخفيف عن التوتر بين الدولتين إلا أن الحادثة الأخيرة ستشكل عائقا إضافيا أمام تحسين العلاقات بين طهران والرياض.