رغم أن الملك سلمان قد عاد إلى السعودية، ولكن الفوضى التي أحدثها في مصر ترفض أن تُنسى، وتكتسح المنطقة بأكملها. منذ أن عُلم خبر نقل السيطرة على الجزيرتين، تيران وصنافير، إلى السيادة السعودية، وإقامة “جسر الملك سلمان” ليصل بين مصر والسعودية (في الواقع بين إفريقيا وآسيا)، لا يكف المصريون عن اتهام السيسي قائلين إنّه “باع بلاده” للسعوديين.
أصبح الهشتاغان #عواد_باع_أرضه و #نفسك_تبيع_ايه_للسعوديه، شعبيَين في وسائل التواصل الاجتماعي وتم تغريدهما عشرات آلاف المرات، وتظهر فيهما كلمات انتقادية أو رسوم كاريكاتيرية تسخر من استعداد السيسي القيام بكل شيء من أجل الحصول على المال السعودي. ولا يكف الإعلام المصري عن الانشغال في القضية، بل رفع شاب في ميدان التحرير لافتة تنتقد السيسي، محاولا أن يجذب إليه الحشود للمشاركة في مظاهرة، ولكن حتى الآن لم ينجح.
في إسرائيل أيضًا، أصبح الموضوع حديث الساعة في أوساط المحللين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط. ففي البداية، تمت مناقشة الخوف من أنّ تسيطر السعودية – بعد نقل الجزيرتين، اللتين تقعان عند مدخل مضائق تيران – في الواقع على الحركة البحرية في “البوابة الجنوبية” لإسرائيل في ميناء إيلات. ومع ذلك، فقد أعلمت مصر إسرائيل مسبقا بنقل الجزيرتين وحصلت على موافقتها، كما تستلزم اتفاقات كامب ديفيد. ومع ذلك، فقد كانت مصر في الواقع ملزمة بموجب الاتفاقات بالملاحة الحرة في مضائق تيران، بخلاف السعودية، غير الملزمة بأي اتفاق تجاه إسرائيل.
ودعت عضو الكنيست الإسرائيلية، كسانيا سفاتلوفا، والتي كانت سابقا محللة الشؤون المصرية، إلى عقد جلسة طارئة في لجنة الخارجية والأمن حول “الحدود السعودية الجديدة لإسرائيل”: “نحن معتادون على التفكير أن عدوّ عدوّنا هو صديقنا، ولكن هل هذا هو الواقع حقا”؟ كما كتبت سفاتلوفا في صفحتها الرسمية على الفيس بوك. “السعودية دولة دينية تؤيد التيار الوهابي – الأكثر تزمّتا وتطرّفا من بين التيارات الإسلامية. وهو يشكّل إلهاما للتيارات “الجهادية”، وإذا كان هناك شيء يمكننا الاعتماد عليه في منطقتنا فهو التغيير المستمر. تدعم السعودية اليوم مصر وتقاتلان داعش معا. وفي الستينيات تحاربت كلتا الدولتين ضدّ بعضهما البعض… علينا أن نفكر في خطواتنا في الوقت المناسب حتى لا نتفاجأ سلبا بما يبدو الآن موضوعا عاديا تماما”.
بخلافها، كتب المحلل تسفي بارئيل في صحيفة “هآرتس”: “من أجل تهدئة إسرائيل أعلن وزير الخارجية السعودي أنّ بلاده ستنفذ جميع الالتزامات التي وقعت عليها مصر بخصوص الملاحة الحرّة. يمكن لهذا التصريح أن يكون كافيا، بالإضافة إلى أن السعودية تُعتبر حليفة الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص. ومن الممكن اعتبار ذلك اعترافا غير رسمي باتفاقات كامب ديفيد، والتي أدى التوقيع عليها إلى مقاطعة عربية ضد مصر. والسؤال الآن هو إذا ما كانت السعودية ستنفّذ أيضًا البنود التي تحظر وضع قوة عسكريّة في الجزيرتين، وخصوصا عندما تكسبها السيطرة عليها سيطرة على الذراع الشرقية من البحر الأحمر، والتي تؤدي أيضًا إلى ميناء العقبة. وتوفّر السعودية لهذا القلق الإسرائيلي (والأردني) حلا وهو بناء جسر يصل بين مصر والسعودية. إذا تم بناء الجسر حقا… فسيشكّل دائما “رهينة” ضدّ كل محاولة للمسّ بحرية الملاحة”.