تواجه جارتا إسرائيل، على جانبيّ الحدود السلميَين الوحيدَين لديها، الأردني والمصري، تحديات كبيرة وحثيثة تتمثل بالمواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأذرعها المحلية.
من المتوقع أن تزيد الدولتان، اللتان عززتا علاقاتهما مع إسرائيل في الآونة الأخيرة؛ بسبب عدم الاستقرار في المنطقة، اعتمادهما أكثر على الدعم الاستراتيجي الذي توفره لهما جارتهما. أرسلت إسرائيل، وفقًا لتقرير نشرته وكالة الأنباء الأمريكية “سي. إن. إن” الأسبوع الماضي، طائرات دون طيار إلى الحدود الأردنية السورية، لمساعدة عمان بجمع معلومات تهدف إلى وقف هجمات متوقعة من قبل داعش من ناحية الحدود الشمالية.
خلقت عملية قتل الطيار الأردني، وبشكل ما، الهجمات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في شبه جزيرة سيناء، توقعات من النظامين بالرد بشكل قاسٍ على ذلك
تفاقم الصراع بين الأردن وداعش بعد أن تم الأسبوع الفائت نشر الفيديو الذي يُوثق فيه مسلحو التنظيم عملية قتل الطيار الأردني مُعاذ الكساسبة حرقًا، العملية التي تم تنفيذها عمليًا قبل شهر.
بعد قتل الطيار الأسير، عمت الأردن مطالبات بالانتقام. نفذ سلاح الجو الملكي الأردني عشرات الغارات الجوية ضد أهداف لداعش في سوريا. يقود الجيش المصري حاليًا في سيناء عملية واسعة جدًا ضد أتباع التنظيم المُتطرف “أنصار بيت المقدس”، على إثر مقتل 21 مصريًا، غالبيتهم من قوات الأمن، بواسطة سلسلة تفجيرات مُنسقة للتنظيم في شبه جزيرة سيناء في الـ 29 من كانون الثاني. أعلن التنظيم عن نقل ولائه من القاعدة إلى تنظيم داعش في تشرين الثاني من العام الماضي.
خلقت عملية قتل الطيار الأردني، وبشكل ما، الهجمات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في شبه جزيرة سيناء، توقعات من النظامين بالرد بشكل قاسٍ على ذلك. تُشدد الأسرة المالكة الهاشمية على أن تحظى كل طلعة جوية ضد داعش بتغطية إعلامية واسعة في الأردن. يهاجم الجيش المصري، في سيناء، معاقل “الأنصار” بواسطة جُنود المُشاة ومروحيّات حربية، التي يدخل بعضها إلى حدود غزة، من أجل تفجير أهداف من هناك بسهولة تابعة للتنظيم الإسلامي قرب الحدود، داخل منطقة سيناء.
التجاهل المصري السافر لحكومة حماس في غزة ليس بالصدفة. جددت القاهرة، التي تتهم حماس بشدة بتوفير دعم لوجستي وعسكري للتنظيمات التي تعمل ضدها في سيناء، تهديداتها ضد الحركة منذ وقوع سلسلة التفجيرات الأخيرة وتنوي المتابعة بهدم آلاف البيوت في رفح المصرية، إلى حين توفير منطقة آمنة على امتداد كيلومترين عند حدود القطاع. يهدف ذلك الشريط الأمني للتقليل، بقدر الإمكان، من عدد أنفاق التهريب إلى الجانب الفلسطيني.
تُعزز الخطوات المصرية الأردنية، بشكل غير مُعلن، ما يُمكن تعريفه على أنه “اتحاد الدول المُهدَدة” بين الدولتين وإسرائيل. أعادت الأردن مؤخرًا سفيرها إلى تل أبيب، بعد رحيله قبل ثلاثة أشهر احتجاجًا على سياسة حكومة نتنياهو في جبل الهيكل. عادت العلاقات بين الأردن وإسرائيل إلى سابق عهدها فقط بعد أن اتخذ رئيس الحكومة تدابير لتهدئة النفوس ومنع أعضاء الجانب اليميني المُتطرف في ائتلافه من زيارة جبل الهيكل.
إنما من وجهة النظر الإسرائيلية ليست كل التطورات الأخيرة هي إيجابية بالضرورة. ستكون لزيادة التوتر بين الأردن وداعش لاحقًا تداعيات على الوضع الأمني الداخلي في المملكة. تُعارض الجماعات المنضوية تحت جناح جبهة العمل الإسلامي في الأردن الهجمات ضد داعش ومن شأن الحرب الصريحة التي أعلنها الملك عبد الله ضد التنظيم أن تزيد من حجم الخلافات الداخلية وأن تؤدي إلى عمليات انتقامية ضد داعش، أيضًا من ناحية الحدود مع العراق.
تزيد مسألة تجدد الضغط المصري على حماس، وكذلك تأخر عمليات إعادة الإعمار في غزة، من خطر حدوث عمليات فلسطينية ضد إسرائيل من قطاع غزة
بينما في مصر، هنالك نتيجتان سلبيتان متوقعتان. تزيد مسألة تجدد الضغط المصري على حماس، وكذلك تأخر عمليات إعادة الإعمار في غزة، من خطر حدوث عمليات فلسطينية ضد إسرائيل من قطاع غزة، بتشجيع من حماس وتجاهله لما قد تقوم به التنظيمات الصغيرة. قد يعود تنظيم “أنصار بيت المقدس”، الذي كان مسلحوه قد قاموا بعمليات إرهابية قاسية ضد إسرائيل (الأخطر بين تلك العمليات، في آب 2011 حيث قُتل 8 إسرائيليين في المنطقة الحدودية) إلى شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية، كأداة لجذب الانتباه عن حرب الاستنزاف التي يقوم بها في سيناء ضد قوات الأمن المصرية.
نشر هذا المقال للمرة الأولى في صحيفة ”هآرتس”