بعد أشهر طويلة من التوتر الخفي، تعود قضية البدو في النقب الإسرائيلي لتضرب أمواجها في أوساط المجتمع العربي في إسرائيل. في أعقاب جنازة شاب بدوي قُتل في مداهمة للشرطة الإسرائيلية، اشتعلت النفوس وقُتل شخص آخر. أصيب 22 شخصا خلال أعمال الشغب، ومن بينهم رئيس بلدية رهط، طلال القريناوي.
في يوم الأربعاء الأسبوع الماضي، قُتل سامي الجعار البالغ من العمر 20 عاما في مداهمة للشرطة بمدينة رهط للكشف عن تجار مخدّرات. بحسب الشرطة فقد واجهت القوة التي دخلت إلى الحيّ الحجارة والعصيّ التي تم رميها عليها، ولذلك فقد شرعت بإطلاق النار في الهواء، واعتقلت اثنين من المشتبه بهم من أجل التحقيق.
وفي أثناء ذلك تم إطلاق النار على الجعار وقتله. تقول أسرته إنّه لم يكن مرتبطا بالمجموعة التي جاءت الشرطة لاعتقالها، وتم إطلاق النار عليه عند مدخل منزله.
في أعقاب وفاة الجعار تم إعلان إضراب عام أمس في جميع البلدات العربية في النقب. وفي بيان للجنة رؤساء السلطات المحلية عرّفوا الحادث الذي قُتل فيه الجعار باعتباره “قتل بدم بارد يثبت عدوانية الشرطة وسياسة اليد على الزناد عندما يتعلق الأمر بالمواطنين العرب”. وأعرب والد الجعار، الذي خدم في الماضي في الشرطة الإسرائيلية، عن غضبه الشديد على وفاة ابنه.
يقول المشاركون في الجنازة أنّ أعمال الشغب قد بدأت فقط مع وصول سيارة شرطة إسرائيلية إلى المقبرة
إن وفاة شخص آخر أمس جراء إصابته بنوبة قلبية خلال جنازة الجعار، والتي شارك فيها أكثر من 8 آلاف شخص، قد فاقمت فقط من حدّة ادعاء البدو. يقول المشاركون في الجنازة أنّ أعمال الشغب قد بدأت فقط مع وصول سيارة شرطة إسرائيلية إلى المقبرة. بدأ الشبان الذين وُجدوا في المكان برمي الحجارة باتجاهها، وبحسب الشرطة فقد أحاطت الجموع بالسيارة وتعرّض رجال الشرطة للخطر.
وقالت الناشطة ميخال روتم، والتي شاركت في الجنازة، إنّ حضور الشرطة قد هيّج الجماهير: “أقيمت الجنازة بهدوء تام، دون وجود شرطي واحد. حتى جاء شرطي قرّر أنّه رغم انسداد الشارع تماما ووجود الجنازة فهو يريد المرور من الشارع، ومع الأضواء الزرقاء والحمراء التي أعمتْ المشاركين. الشرطة لا تحافظ على النظام، هي التي تنتهكه”.
جاء في بيان للشرطة: “تم إلقاء وابل من الحجارة والصخور باتجاه قوة من الشرطة دخلت إلى منطقة المقبرة
كانت رواية الشرطة الإسرائيلية مختلفة: جاء في بيان للشرطة: “تم إلقاء وابل من الحجارة والصخور باتجاه قوة من الشرطة دخلت إلى منطقة المقبرة، حيث إنّ الجموع تلقي الحجارة دون توقف ولا تمكّن القوة من الخروج من المقبرة”. ومع ذلك، أعلنت الشرطة أنّها ستقيم لجنة لفحص الموضوع.
ويدعي المواطنون العرب في إسرائيل منذ سنوات وجود تطبيق انتقائي للقانون الإسرائيلي من قبل الشرطة الإسرائيلية تجاه السكان العرب بشكل عام، والسكان البدو بشكل خاصّ.
تطرّق عضو الكنيست الإسرائيلي دوف حنين إلى القضية، ودعا إلى إقامة لجنة تحقيق رسمية لفحص مقتل مواطنين عرب من قبل الشرطة. بحسب كلامه: “منذ تشرين الأول 2000 قُتل أكثر من 45 مواطنا عربيًّا من قبل الشرطة. هذا واقع لا يمكن احتماله ولا يمكن العيش معه”.
يدعي الكثيرون في إسرائيل أنّ السكان البدو قد سيطروا على النقب، ويفعلون به ما يريدون دون أن تنفّذ الشرطة القانون والنظام على المنطقة
في المقابل يدعي الكثيرون في إسرائيل أنّ السكان البدو قد سيطروا على النقب، ويفعلون به ما يريدون دون أن تنفّذ الشرطة القانون والنظام على المنطقة. في العام الماضي، أثار إعلان في الفيس بوك للصحفي أفري جلعاد نقاشا ساخنًا. كتب جلعاد: “عدتُ من جولة في النقب؛ أنا مصدوم ممّا رأيت. لقد سيطر البدو عليه بأكمله بالقوة. بإجرام لا يخجل، بوقاحة يُردّ عليها بالخوف وطأطأة الرؤوس، أخذ البدو النقب كلّه”. في وقت لاحق، عدّل جلعاد أقواله وادعى أنّه ينبغي تخصيص المزيد من الموارد لإشراك السكان البدو في المجتمع الإسرائيلي.