ستبدأ هذا الصباح؛ في تل أبيب؛ أعمال مؤتمر “هآرتس” للسلام. صباح هذا اليوم تحديدًا، اليوم الذي أعلن فيه الجيش بداية عملية “الجرف الصامد”. ونجحت إدارة الصحيفة، بمناسبة انعقاد المؤتمر؛ الذي تم التخطيط له مسبقًا، والذي لم يتوقع أي من المشاركين فيه حدوث التصعيد الحالي، أن تحصل من الرئيس أوباما على مقالة كتبها بنفسه للصحيفة (أو على الأقل موقعة باسمه، حتى وإن كتبها له مستشاروه الإعلاميين). نُشرت المقالة هذا الصباح على موقع الإنترنت الذي أُنشئ خصيصًا من أجل المؤتمر، بالعبرية، الإنكليزية والعربية.
في المقالة التي عنوانها السلام هو الطريق الوحيد الذي يفضي إلى الأمن الحقيقي والتي كُتبت بتاريخ 30 حزيران، كتب أوباما يقول: ” “الوزير كيري وأنا لا نزال مصممَين على العمل مع كل من رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس لمتابعة حل الدولتين. وعند وجود الإرادة السياسية التي تجدد الالتزام بمفاوضات جادة، فإن الولايات المتحدة ستكون حاضرة، وعلى استعداد للقيام بدورها”.
تتوجه المقالة للشعب الإسرائيلي، ويُعبر الرئيس في بداية المقالة عن تعاطفه مع مواطني إسرائيل الذين يرزحون تحت التهديد الدائم من كل الجهات. يعود ويؤكد أيضًا في مقالته على التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل والتعاون والعلاقات الأمنية القوية بين الدولتين، وتضمن كلها أيضًا الالتزام الأمريكي بضمان الأمان في الشرق الأوسط بأكمله، مثل تفكيك السلاح الكيميائي في سوريا ومنع حصول إيران على السلاح النووي.
إنما فعليًا، قال أوباما، أهم من التعاون الأمني وأهم من أي جيش وسلاح متقدم، السلام هو الطريق الأضمن للأمن.
“كما بيّنت الولايات المتحدة التزامنا تجاه أمن إسرائيل من خلال تعهدنا المستمر بالعمل من أجل تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط. وقد كنا واضحين على الدوام بأن تسوية صراع مضت عليه عقود من الزمن بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيتطلب جهدا هائلا وسيستلزم اتخاذ قرارات صعبة من قبل الجانبين” كتب أوباما، وتابع: “وهكذا فإننا في الوقت الذي نشعر فيه بخيبة أمل لأن القرارات الصعبة لم تُتخذ من قبل الطرفين للحفاظ على زخم سير عملية السلام قدمًا، فإن الولايات المتحدة لن تتخلى أبدًا عن الأمل في أن تحقيق سلام دائم هو السبيل الوحيد لإشاعة الأمن الحقيقي لإسرائيل.”
“وكما ذكرت في القدس في العام الماضي، السلام أمر ضروري وعادل وممكن. وأنا كنت على ثقة بما قلته آنذاك ولا زلت واثقًا” كتب أوباما، الأمر الذي يبدو منفصلاً وبعيدًا عن الواقع تمامًا هذا الصباح.
“السلام ضروري لأنه السبيل الوحيد لضمان مستقبل آمن وديمقراطي لدولة إسرائيل اليهودية. وفي حين أن الجدران ومنظومات الدفاع الصاروخية يمكن أن تسهم في الحماية ضد بعض التهديدات، فإن السلامة الحقيقية ستقترن بتسوية شاملة متفاوض عليها. والوصول إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين سيساعد كذلك في عكس موجة المشاعر الدولية، وفي تهميش المتطرفين العنيفين ما سيدعّم بدرجة أكبر أمن إسرائيل”.
يختم أوباما مقالته بالقول: “مع كل ما أنجزته إسرائيل، ومع كل ما سوف تحققه إسرائيل، فلا يمكن أن تكون إسرائيل كاملة، ولا يمكن أن تكون آمنة من دون السلام. إن الوقت ليس متأخرًا أبدًا لزرع بذور السلام في الأرض- سلام حقيقي فعال ومفعم بالحياة، وموجود ليس فقط في خطط الزعماء والقادة، وإنما في قلوب جميع الإسرائيليين والفلسطينيين. هذا هو المستقبل الذي لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بتحقيقه، باعتبارها أول صديق لإسرائيل، وأقدم صديق لإسرائيل، وأقوى صديق لإسرائيل”.
نشرت هآرتس على صفحاتها اليوم، بالإضافة لمقالة الرئيس الأمريكي، مقالتين لشخصين لا تقل أهميتهما عن أوباما. المقالة الأولى للرئيس الفلسطيني محمد عباس، وبينما في هذه الأيام تجددت المواجهات بين الشعبين ليس من المفهوم ضمنًا أن يوافق على نشر مقالة له في صحيفة إسرائيلية. المقالة الثانية هي مقالة الأمير السعودي تركي الفيصل، الذي كان رئيس المخابرات السعودية وسفير المملكة في بريطانيا، إيرلندا والولايات المتحدة وممثل المملكة التي لا تجمعها مع إسرائيل علاقات رسمية، ولهذا السبب تحديدًا تأخذ مقالته زخمًا. من الجدير بالذكر أيضًا أن الأمين العام للولايات المتحدة، بان كي مون، قد انضم إليهم وطالب بتحقيق السلام من خلال صفحات الصحيفة الإسرائيلية. نُشرت كل المقالات بالطبع، باللغة العبرية، الإنكليزية والعربية.
كتب تركي الفيصل في مقاله: “مبادرة السلام العربية لا تزال توفر إطارًا للسلام”. ” دعونا نحلم للحظة واحدة كيف ستكون عليه هذه الأرض المضطربة، وكيف ستبدو بعد الاتفاق بين هذين الشعبين. تخيل لو كان بمقدوري أن أطير مباشرة إلى القدس ويا له من سرور أن أتمكن من توجيه الدعوة، ليس للفلسطينيين فقط، بل للإسرائيليين أيضًا. رغم كل شيء فإن مبادرة السلام العربية لا تزال تعتبر الصيغة لحل عادل وشامل للصراع”.
يعرض الرئيس الفلسطيني، محمود عباس في مقاله رؤيا السلام الفلسطينية بشكل واضح ومحدد وفيها يحاول أن يُظهر للشعب الإسرائيلي موقف الشعب الفلسطيني بخصوص السلام، ويبحث عن حلول لتحقيق ذلك. ” لن يكون للمفاوضات أي معنى طالما استمرت إسرائيل بتعميق الاحتلال، وفرض حقائق على الأرض واستخدام العملية برمتها كستار دخان لمواصلة القمع”.
وفيها يحاول أن يُظهر للشعب الإسرائيلي موقف الشعب الفلسطيني بخصوص السلام، ويبحث عن حلول لتحقيق ذلك. ” لن يكون للمفاوضات أي معنى طالما استمرت إسرائيل بتعميق الاحتلال، وفرض حقائق على الأرض واستخدام العملية برمتها كستار دخان لمواصلة القمع”.
إنما يبدو أن تلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الصحيفة؛ الداعية للسلام ؛ بالتحضير للمؤتمر، ورغم وجود المتحدثين والكتّاب المهمين الذين نجحت الصحيفة بتجنيدهم لهذه المهمة، ستتركز عناوين اليوم تحديدًا على ما هو عكس السلام، وللأسف الشديد، يبدو أن هذا سيبقى واقع حياتنا في المنطقة، على الأقل في المدى القريب…