أدار وزير الاقتصاد ورئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، حتى الآن حملة ممتازة للانتخابات. نشر بينيت في الإنترنت مقاطع فيديو عديدة، حظيت بشعبية كبيرة ومشاهدات غير قليلة، وبالإضافة إلى ذلك تكثر استضافته في استديوهات التلفزيون ومهاجمة وسائل الإعلام بشكل كاسح، والتي تعادي حزبه بحسب زعمه، وذلك تحت شعار “لا نعتذر”.
بالإضافة إلى ذلك، فقد وصلت “قضية أوحنا” صباح اليوم إلى نهايتها والتي سيرغب بينيت بنسيانها سريعًا، ويأمل أن ينساها الناخبون أيضًا. بدأت القضية قبل يومين، عندما أعلن بينيت في الأستوديو بشكل مفاجئ أنّ إيلي أوحنا سيترشّح في الحزب، وهو أحد أكبر اللاعبين في تاريخ كرة القدم الإسرائيلية ومدرّب منتخب إسرائيلي حتى سنّ 19.
وقد أثار الإعلان الذي رافقته صور مشتركة لأوحنا وبينيت بالإضافة إلى مقطع فيديو يردّد فيه أوحنا شعارات حزب “البيت اليهودي”، عاصفة كبيرة داخل الحزب وللمرة الأولى في المعركة الانتخابية نقدًا داخليّا وحادّا لبينيت، وأعلن أوحنا صباح اليوم أنّه يسحب ترشّحه.
يعتبر إيلي أوحنا أحد كبار لاعبي كرة القدم الإسرائيليين لكل الأزمنة، وقد تألّق في فريق كرة القدم بيتار القدس، الذي يعتبر اليوم فريقا لديه جمهور عنصري غير مستعدّ بأن يلعب في صفوف الفريق لاعبون مسلمون. ربما كان أحد أسباب ضمّ أوحنا للحزب هو جلب الأصوات من مشجّعي بيتار القدس، والذي يُعدّ واحدا من الفرق التي لديها أكبر جمهور في إسرائيل.
خلال معظم الثمانينيات، تألّق أوحنا في صفوف بيتار القدس، وفاز معه ببطولة إسرائيل، وبعدد من الكؤوس الإسرائيلية. انتقل أوحنا بفضل قدراته العالية للّعب في فريق ميكلين البلجيكي، ووصل في صفوفه إلى إنجاز لم ينجزه أي لاعب إسرائيلي في أي وقت مضى: الفوز بكأس أوروبي (كأس الكؤوس الأوروبية)، كما أنّه كان هو من طهى هدف الفوز في المباراة النهائية.
بعد ثلاث سنوات في بلجيكا، انتقل أوحنا للّعب في سبورتينغ براغا البرتغالي. بعد عام في البرتغال، عاد أوحنا إلى إسرائيل ليلعب في صفوف بيتار، الذي لعب في دوري الدرجة الثانية. صعد بيتار إلى دوري أعلى بقيادة أوحنا، وفاز ببطولة إسرائيل في الموسم الذي تلا ذلك. لعب أوحنا لعدّة سنوات أخرى في بيتار، فاز فيه ببطولتين أخريين، حتى تقاعد عن كرة القدم عام 1999. بالإضافة إلى ذلك، تألّق لعدة سنوات أيضًا في زيّ المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم.
يعتبر ولاء أوحنا لبيتار، والذي هو الفريق الإسرائيلي الوحيد الذي لعب فيه، أمرا نادرا في كرة القدم الإسرائيلية بل والعالمية، ويعتبر حتى اليوم واحدا من اللاعبَين الأكبر في تاريخ الفريق، ولاعب يحبّه مشجّعو الفريق. درّب أوحنا بعد تقاعده عددا من الفرق (بما في ذلك بيتار نفسها) دون نجاح كبير، ومنذ العام 2008 عمل كمدرّب للمنتخب الإسرائيلي حتى سنّ 19. وبالتباين مع عمله كمدرّب، يكثر أوحنا من تحليل مباريات كرة القدم ومن الجلوس في استوديوهات كرة القدم المختلفة.
عندما كان لاعبا، لم يخف من التعبير عن آرائه السياسية، والتي كانت دائما متماهية مع حزب الليكود اليميني. كان تواصل أوحنا، الذي نشأ في أسرة فقيرة، مع مشجّعي بيتار، الذين كان قسم كبير منهم أشخاصا فقراء يحملون آراء يمينية، نتيجة طبيعيّة لذلك ولقد رأوا فيه نموذجا للمحاكاة والإعجاب. يبدو أنّ هذا هو أحد الأسباب التي جعلت بينيت يرغب في أن يكون أوحنا ضمن حزبه. بالإضافة إلى ذلك، فقد حدث تطرّف خطير في السنوات الماضية في السلوك العنصري لمشجّعي بيتار، وأعرب أوحنا أكثر من مرة بشكل علنّي عن عدم إعجابه بهذا السلوك.
وفي بيان انسحابه من حزب “البيت اليهودي”، أعلن أوحنا أنّه لم يتوقع بأن يثير انضمامه للسياسة مثل هذه العاصفة. هناك احتمال كبير بأن يكون انسحابه “الطوعيّ” نابعًا من طلب شخصي لبينيت، والذي لم يتوقّع هو أيضًا بأن يثير انضمام أوحنا معارضة كبيرة كهذه داخل حزبه.
وبهذا كما يبدو تصل إلى نهايتها الحياة السياسية القصيرة لأحد لاعبي كرة القدم الإسرائيليين ذوي المسيرة الأكثر تألّقا. وكذلك، فللمرة الأولى منذ بداية حملته الانتخابية الناجحة، يبدو أنّ بينيت أيضًا قد اضطرّ أخيرا للاعتذار.